نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 2 صفحه : 416
الحثّ على تقوى اللّه و طيب عيش فاعلها
قال اللّه تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَ يَصْبِرْ[1] الآية. و قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: من سرّه أن يكون أكرم الناس فليتق اللّه، و من سرّه أن يكون أقواهم فليتوكل على اللّه، و من سرّه أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد اللّه أوثق منه بما في يديه. و قال: من أراد عزا بلا عشيرة، و هيبة بلا سلطان، و غنى بلا مال فليخرج من ذل معصية اللّه تعالى إلى عز طاعته. و قال جعفر بن محمد: اتق اللّه بعض التقوى و إن قل، و اجعل بينك و بين اللّه سترا و إن رقّ.
و قال بزرجمهر: من قوي فليقو على طاعة اللّه و من ضعف فليضعف عن معصية اللّه.
و قال ابن المقفع: ليحرص البلغاء أن يزيدوا على هذه الكلمة حرفا. و قال عبد الملك لبنيه في مرضه: أوصيكم بتقوى اللّه فإنها أزين حلة و أحصن كهف، فقال مسلمة: و أقرب إلى الصواب و أنفع في المآب، فقال عبد الملك: هاتان لا الأوليان.
الحثّ على الاشتغال باللّه عن النّفس
قيل لداود الطائي: لو سرحت لحييك، قال: إن الرجل إذا اشتغل بنفسه نسي اللّه و إذا اشتغل باللّه نسي نفسه. و قيل لقي داود محمد بن واسع فقال: يا أخي ما لي لا أراك؟قال:
لأني انقطعت إليه، فقال: الشأن في أن يقبلك فغشي عليه. و قال الهيثم الهاشمي: ذكر في مجلس أبي عبد اللّه بن خفيف أن جنيدا قال: لا تصحب من تحتاج أن تكتمه ما يعرف اللّه منك، فقال: أبو عبد اللّه أراد جنيد أن يشغل الخلق عن الخلق باللّه. و قال الجنيد: من ذكر اللّه نسي نفسه و من ذكر نفسه ذكر الخلق و من ذكر الخلق فقد هلك. و قال الشبلي:
يا منية المتمنّي # شغلتني بك عنّي
عجبت منك و منّي
و نحو ذلك قيل لأبي يزيد البسطامي أين أبو يزيد؟فقال: أنا في طلب أبي يزيد منذ عشرين سنة. و قال رجل لأبي الربيع: أوصني، فقال: إن اللّه لا يشغله عنك شيء فإن استطعت أن لا يشغلك عنه شيء فافعل.
الحثّ على الاهتمام بأمر الآخرة دون الدّنيا
قال ابن عباس: ما انتفعت بشيء بعده صلّى اللّه عليه و سلّم كانتفاعي بما كتب إلى أمير المؤمنين: أما بعد فإن المرء يسرّه درك ما لم يكن ليفوته و يسوؤه فوت ما لم يكن ليدركه، فليكن سرورك بما نلت من آخرتك و أسفك على ما فاتك منها، و ليكن همّك فيما بعد الموت و السلام.
و قيل: من كان بالآخرة اشتغاله حسنت في الدنيا حاله. و قال زيد بن علي بن