نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 2 صفحه : 403
تصوّر الدنيا يزيد الغموم
قال الشاعر:
و من عرف الأيام لم ير خفضها # نعيما و لم يعدد تصرّفها بلوى [1]
الدّنيا واعظة
قال أمير المؤمنين: أيها الذام الدنيا بم غرتك؟بمصارع آبائك تحت الثرى، أم بمضاجع أمهاتك في البلى. كم مرّضت بيديك و غسلت بكفيك فلم يغن عنك. و قيل: ما ضمنت الدنيا لأحد المتاع بها، بل نادت فصرخت إنها ميراث الدول و صبابة الأزمنة و أوعية الفجائع و مفرقة الآلات.
و قال عبد اللّه بن عيينة:
إن الليالي و الأيام لو بحثت # عن عيب أنفسها لم تكتم الخبرا
و قال أبو تمّام:
عمري لقد نصح الزمان و أنه # لمن العجائب ناصح لا يشفق
و قال أبو العتاهية:
نحن في دار تخبرنا # ببلاء ناطق لسن
قال المسيح عليه السلام: الدنيا مزرعة إبليس و أهلها له حرّاث. و قيل: كل قتيل يقتص له يوم القيامة إلا قتيل الدنيا يقتص منه.
مدح الدنيا بأنّها يتوصّل بها إلى الآخرة
ذمّ رجل الدنيا بحضرة أمير المؤمنين فقال: أسكت فإن الدنيا دار صدق لمن صدقها و دار غناء لمن تزوّد منها و دار عافية لمن فهم عنها، مسجد أبينا آدم و مهبط وحيه، متجر أوليائه فاكتسبوا منها الرحمة و ادّخروا منها الجنة.
و قيل: الدنيا دار تجارة و الويل لمن تزوّد منها الخسارة.
الدّنيا محبوبة و إن كانت معيوبة
قال الشعبي: ما أعلم لنا و للدنيا كقول كثيّر:
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة # لدنيا و لا مقليّة إن تقلّت [2]
و قال المأمون: لو نطقت الدنيا لم تصف نفسها بأجود مما قال أبو نواس:
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشّفت # له عن عدوّ في ثياب صديق