و قال ابن ميّادة:
فإن هو لم يهمم بنا اليوم قادما # قدمنا عليه نحن في داره غدا [1]
الاعتذار إلى من قللت زيارته
لئن عاق جسمي عن لقائك مانع # فما عاق قلبي عن لقائك عائق
فإن ظهرت منّي دلائل جفوة # فما أنا إلاّ مخلص الودّ صادق
و قال أبو حكيمة:
فلا تنكر فدتك النفس أني # أغبّك في اللقاء و في المزار
فإنّي حيث كنت فليس ودّي # بممنوح سواك و لا معار
و قال جحظة:
فإن يك عن لقائك غاب وجهي # فلم تغب المودة و الإخاء
و لم يزل الثناء عليك يترى # بظهر الغيب يتبعه الثناء [2]
و قال الخوارزمي:
و ما بي فيك من زهد و لكن # أخفّف عنك أعباء الملال [3]
و قال:
إن كنت في ترك الزيارة تاركا # حظّي فإني في الدّعاء لجاهد
و لربّما ترك الزيارة مشفق # و أنّى على غلي الضمير الحاسد [4]
اعتذر بعض الأدباء إلى أخ له في تأخره فأجابه:
إذا صحّ الضمير فكل هجر # و إعراض يكون له انقضاء
إن محض الودّ لا يز # رى به طول تناء [5]
و انقطاع من كتاب # و تراخ من لقاء
إنما الوامق من يحمل أثقال الجفاء # و الذي تضجره الجفوة مدخول الإخاء [6]
و قال آخر:
أغيب عنك بودّ لا بغيره # نأي المحل و لا صرف من الزّمن [7]
[1] إذا لم يزرنا اليوم زرناه غدا.
[2] يترى: يأتي تباعا.
[3] الملال: الملل أو السأم.
[4] المشفق: الخائف-المحض: الخالص من كلّ شيء-التنائي: التباعد أو التجافي.
[5] زرى زريا (فلانا) : احتقره.
[6] الوامق: المحبّ.
[7] النأي: البعد، نأى بعد بعاد-صرف الزمن: خطبه.