نزل المشيب في وقته
قيل لرجل: أين ذهب شبابك؟قال: ذهب به خصال طال أمده و كثر ولده و قلّ عدده و ذهب جلده:
أفنى الشباب الذي حاولت جدّته # مرّ الجديدين من آب و منطلق [1]
لم يبقيا لي من طول اختلافهما # شيئا أخاف عليه لذعة الحدق [2]
و قال البحتري:
إن كان قد عبث المشيب بلمّتي # فلقد أخذت من الشّباب نصيبي
و قال:
و من يطلع شرف الأربعين # يحيى من الشّيب زورا غريبا
قال ابن الرومي:
أدرى غراب الشيب فوق مفارقي # ركض السنين الراكضات أمامي
و أفنتني الليالي أم عمرو # و حلّي في التنايف و ارتحالي
و تربيتي الصغير إلى مداه # و تأميلي هلالا عن هلال
و من يك رهنا لليالي و مرّها # تدعه كليل القلب و السمع و البصر
من شاب قبل أوانه
قال أبو نواس:
و إذا عددت سنّي كم هي لم أجد # للشيب عذرا في النّزول برأس
و قال كشاجم:
إذا فكّرت في شيبي و سنّي # عتبت عليه فيما نال منّي
كأنّ الشيب غار على الغواني # فعرضهنّ للأعراض عنّي
لو كان يمكنني سفرت عن الصبا # فالشيب من قبل الأوان يلثم
و لقد رأيت الحادثات فلا أرى # شيبا يميت و لا سوادا يعصم
و هل أنا إلا ابن الثلاثين لم تشب # لداتي و لكنّ الخطوب تضيم
[1] الجديران: الليل و النهار.
[2] الحدق: نظرات العيون.