نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 2 صفحه : 34
أسباب المحبة و البغض و مضرتهما و نفعهما
روي في الخبر أن اللّه إذا أحب عبدا ألقى محبته في الملأ، فلا يمرّ به أحد إلا أحبه.
و قالت عائشة رضي اللّه عنها: جبلت القلوب على حبّ من أحسن إليها و بغض من أساء إليها.
و قال يحيى بن خالد: إذا كرهتم الرجل من غير سوء أتاه إليكم فاحذروه و إذا أحببتم الرجل من غير خير سبق منه إليكم فارجوه.
كون المبغض معيبا
قيل لما أراد أنوشروان [1] أن يصير ابنه ولي عهده استشار وزراءه فكلّ ذكر عيبا:
فقال بعضهم: إنه قصير و ذلك لا يصلح للملك. فقال أنوشروان محتجا له، إنه لا يكاد يرى إلا راكبا أو جالسا.
فقال آخر: إنّه ابن رومية، فقال: الأبناء ينسبون إلى الآباء و إنما الأمّهات أوعية.
فقال الموبذ: إنّه مبغض إلى الناس، فقال: حينئذ هذا هو العيب. فقد قيل إن من كان فيه خير و لم يكن ذلك الخير محبّة الناس له فلا خير فيه، و من كان فيه عيب و لم يكن ذلك العيب بغض الناس فيه، فلا عيب فيه.
و قال الأحنف يوما: فقير صدوق خير من غنيّ كذوب. و قال بعض مجالسيه:
و وضيع محبّب، خير من شريف مبغّض. فقال الأحنف: هذه مثل هذه.
وصف بغيض
قيل: فلان لا تحبّه النّاس حتى تحبّ الأرض الدم، و ذلك لأن الأرض لا تشرب الدم.
قال الشاعر اليتامي:
يا بغيضا زاد في البغض على كلّ بغيض # أنت عندي قدح اللباب في كفّ المريض [2]
و قال آخر:
رمينا بأقلى من جهنّم منظرا # و أقبح آثارا من الحدثان [3]
و أكره في الأبصار من طالع الردى # و أنحس آثارا من الدبران [4]
و قال آخر:
و لو أن ذا فضل لجا في حرامه # لجاء نفيل في الحرام يزاحمه
و قد مرّ من ذلك كثير.
[1] أنو شروان: كسرى أنو شروان هو ابن قباذ أحد الملوك الساسانيين (531-579 م) احتل أنطاكية و استولى على اليمن (57 م) اشتهر بعدله و إصلاحاته.
[2] اللباب: جمع لبّ و هو الجوهر، و الخالص من كلّ شيء.