نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 2 صفحه : 29
و قيل: العزلة توفر العرض و تستر الفاقة، و ترفع ثقل المكافأة. و قيل: ما احتنك أحد قطّ إلا أحبّ الخلوة.
و قيل توحّد ما أمكنك فمن وطئته الأعين وطئته الأرجل.
و قال حكيم: العاقل مستوحش من زمانه منفرد عن إخوانه. و قيل: استوحش من النّاس كما تستوحش من السبع.
و قال الجنيد دخلت على السري فقلت أوصني فقال: لا تكن مصاحبا للأشرار و لا تشتغل عن اللّه بمجالسة الأخيار.
و قيل لذي النون رحمه اللّه: متى أقوى على عزلة الأخيار؟فقال: إذا قويت على عزلة النفس. قيل: و متى يصح الزهد؟قال: إذا كنت زاهدا في نفسك هاربا من جميع ما يشغلك.
من أنس في الخلوة بالعبادة و القراءة
قال حاتم الأصم: الزم بيتك فإذا أردت الصاحب فاللّه يكفيك، و إن أردت الرفيق فرفيقاك رقيباك، و أن أردت أنيسا فالقرآن يؤنسك، و ذكر الموت يعظك:
تركت الأنس بالأنس # فما في الأنس من أنس
و أقبلت على القرآ # ن درسا أيّما درس
عسى يؤنسني ذاك # إذا استوحشت في رمسي
ذمّ الخلوة و الوحدة
قيل: أجهل الناس من استأنس بالوحدة و استكثر من الخلوة. و قيل: إيّاكم و العزلة فإن في ملاقاة الناس معتبرا نافعا و متعظا واسعا، فإن البيت رمس ما لزمته.
وحدة الإنسان خير # من جليس السوء عنده
و جليس الخير خير # من جلوس المرء وحده
و في الحديث: المؤمن الذي يخالط الناس و يصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس.
الشكوى من ذهاب النّاس
دخل عبيد اللّه بن شبرمة على معاوية و قد أتت عليه مائتان و عشرون سنة، فقال له: يا عبيد ما شهدت من الزمان و ما أدركت؟فقال: أدركت الناس يقولون ذهب الناس ذهب الناس فلا مرتع و لا مفزع، و قيل ما بقي من الناس إلا كلب نابح أو حمار رامح أو أخ فاضح.
و كانت عائشة تنشد قول لبيد:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم # و بقيت في خلد كجلد الأجرب
نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 2 صفحه : 29