responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني    جلد : 2  صفحه : 147

إِنَّ اَللََّهَ مَعَ اَلصََّابِرِينَ [1] في جميع ما يحتاج إليه في الحرب، استشير أكثم بن صيفي في حرب أرادوها فقال: أقلوا الخلاف لامرائكم و اعلموا أن كثرة الصياح من الفشل، و المرء يعجز لا محالة. و ادّرعوا الليل فإنّه أخفى الويل.

و كان عظماء الترك يقولون: ينبغي للقائد في الحرب أن يكون فيه أخلاق من البهائم: شجاعة الديك و قلب و قلب الأسد و حملة الخنزير و روغان الثعلب و صبر الكلب على الجراحة و حراسة الكركي و حذر الغراب و غارة الذئب و قال قميصة بن مسعود يوم ذي قار [2] يحذّر بكر بن وائل: الجزع لا يغني من القدر، و الصبر من أبواب الظفر، و المنية و لا الدنية [3] و استقبال الموت خير من استدباره و الطعن في الثغر أكرم منه في الدبر. و هالك معذور خير من ناج فرور.

و قال أبو مسلم لبعض قواده: إذا عرض لك أمر نازعك فيه منازعان أحدهما يبعث على الإقدام و الآخر على الإحجام فأقدم فإنه أدرك للثار و أنفى للعار.

الحثّ على استعمال الخدعة و الحيلة و التحرّز في الحرب‌

قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم الحرب خدعة و قيل إذا لم تغلب فأخلب و قال بعضهم: كن بحيلتك أوثق منك بشدّتك، و بحذرك أفرح منك بنجدتك، فإن الحرب حرب للمتهوّر و غنيمة للمتحذّر.

و قيل: المكر أبلغ من النجدة، و مما كتب معاوية إلى مروان لما بلغه قتل عثمان رضي اللّه تعالى عنه: إذا قرأت كتابي فكن كالفهد لا يصطاد إلاّ بغليلة و لا يناور إلا عن حيلة و كالثعلب لا يغلب إلا روغانا. و أخف نفسك عنهم إخفاء القنفذ رأسه عن لمس الأكف و امتهن نفسك امتهان من ييأس القوم من نصره و أبحث على أخبارهم بحث الدجاجة عن حب الدخن‌ [4] عند نفاسها و قيل حازم في الحرب خير من ألف فارس.

لأن الفارس يقتل عشرة و عشرين، و الحازم قد يقتل جيشا بحزمه و تدبيره.

حث من دعي إلى المبارزة على الإجابة

قال أمير المؤمنين رضي اللّه عنه لبعض بنيه: لا تدعونّ أحدا إلى البراز و لا يدعونّك أحد إلاّ أجبته، فالداعي باغ و الباغي مصروع.

و قال طرفة:

إذا القوم قالوا من فتى خلت أنني # دعيت فلم أكسل و لم أتبلّد [5]


[1] القرآن الكريم: الأنفال/47.

[2] يوم ذي قار: من أيام العرب تغلبت فيه جموع من العرب بقيادة بني شيبان على الفرس.

[3] الدنيّة أو الدنيئة (بالهمز) : النقيصة.

[4] الدّخن: نبات حبّه صغير يقدّم طعاما للدجاج و الطّيور.

[5] يعبّر طرفة بن العبد عن حسّه الجماعي و حميته فهو إذا دعي إلى مكرمة أو مأثرة أقدم و لم يتردد نافيا عن نفسه العزلة و ما قد يعتري روح الفردية من بلادة أو كسل و في رواية: عنيت في موضع دعيت.

نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني    جلد : 2  صفحه : 147
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست