(10) و ممّا جاء في مراسلة الحبيب و مكاتبته
الإرسال إلى المحبوب
قال كثيّر: لقيني جميل فقال: من أين أقبلت؟فقلت: من عند بثينة فقال: لا بد أن ترجع عودك إلى بدئك فتأخذ لي موعدا من بثينة. فقلت: عهدي بأبيها الساعة. فقال:
بدّ فقلت و أين عهدتهم؟قال بالدوم يرحضون ثيابهم فرجعت فقال أبوها: ما ردّك يا ابن أخي قلت أبيات خطرت لي أردت أن أنشدها ثم أنشدته:
فقلت لها يا عزّ أرسل صاحبي # على نأي دار و الموكل مرسل
بأن تجعلي بيني و بينك موعدا # و أن تأمريني بالذي شئت أفعل
فآخر عهد منك يوم لقيتني # بأسفل وادي الدوم و الثّوب يغسل [1]
قال: فضربت بثينة جانب خبائها بعمود و قالت أخسأ، فقال أبوها ما هو؟قالت:
كلب يأتينا من وراء الرابية. فعدت إليه و قلت قد وعدتني أن تجيء من وراء الرابية.
قال شاعر:
يا صاحبي فدت نفسي نفوسكما # و حيثما كنتما لقيتما رشدا
إن تحملا حاجة لي خفّ محملها # تستوجبا نعمة عندي بها و يدا
إن تقرءا منزل الأحباب ويحكما # منّي السلام و أن لا تخبرا أحدا
قال آخر:
و قد أرسلت في السرّ أن قد فضحتني # و نوّهت باسمي في النّسيب و لم تكن [2]
من عاد رسوله بمكروه
قال ديك الجن:
أبطأ الرسول فظلت أنتظر # لا النوم يأخذني و لا السهر
ردّ الجواب بكلّ معضلة # إن شمّروا للهجر و اتّزروا
أزجر فؤادك أن يهيم بهم # إن العصا لك قد أرى قشروا [3]
[1] وادي الدوم: موضع ورد ذكره في كثير من الشواهد الشعرية أو الدوم لغة الظلّ الدائم (معجم البلدان لياقوت: 2/553) .
[2] النسيب: شعر الغزل و التشبيب بمحاسن المحبوب.
[3] أزجر: أردع و أمنع-قشروا لك العصا: مثل يضرب عند المكاشفة.