فإذا جلست فكن مجيبا سائلا # إنّ الكلام يزين ربّ المجلس
الحثّ على الإكثار من الكلام
قال حكيم: لو لا سوء العادة لأمرت فتياني أن يماري بعضهم بعضا. و قال العتابي:
أقدر الناس على الكلام من عوّد لسانه الركض في ميادين الألفاظ. طول الصمت حبسة [1]
و ترك الحركة عقلة.
و قال أبو عطاء:
أقلّبه كيلا يكلّ بحبسة # و أبعثه في كلّ حقّ و باطل
تفضيل الصمت
قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: رحم اللّه عبدا صمت فسلم، أو قال خيرا فغنم، فجعل الصمت أفضل لأن السلامة أصل و الغنيمة فرع.
قال الشاعر:
أقلل كلامك و استعذ من شرّه # إنّ البلاء ببعضه مقرون [2]
و قال آخر:
مت بداء الصّمت خير # لك من داء الكلام
تفضيل كل واحد منهما في أوانهما و التمدّح بهما
قيل لبعضهم: السكوت أفضل أم النطق؟فقال: السكوت حتّى يحتاج إلى النطق، فإذا احتيج إلى النطق فالسكوت حرام.
و قيل ليونس بن حبيب [3] : السكوت أفضل أم الكلام؟فقال: السكوت عن الخنا أفضل من الكلام بالخطإ، و قيل: الضراط في أوانه خير من الكلام في غير زمانه.
و الصمت أزين بالفتى # من منطق في غير حينه [4]
و قيل: ربما كان الصمت أبلغ من الإبلاغ في النطق مع عدم إصابة الفرصة.
قال ابن الرومي:
ناهيك من صمت بلا عيّ به # و كذاك من لسن بغير سفاه [5]
[1] الحبسة: العقدة في اللسان.
[2] مقرون: أي مرتبط.
[3] يونس بن حبيب: هو يونس بن حبيب الضبيّ[ (92 هـ-710) (182 هـ-798 م) ]، و هو من أقدم النحاة البصريين من شيوخه أبو عمرو بن العلاء و الأخفش الأكبر، و من آثاره: القياس في النحو.
[4] المنطق (هنا) : الكلام.
[5] اللسن: الفصاحة.