نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 92
و مرّ عثمان (رضي اللّه عنه) برماة يسيئون الرمي، فقال: ما أسوأ رميكم فقال بعضهم: نحن متعلمين. فقال كلامكم أسوأ من رميكم.
و دخل الخليل على مريض نحوي و عنده أخ له فقال للمريض: افتح عيناك و حرّك شفتاك إن أبو محمد جالسا. فقال الخليل: أرى أن أكثر علة أخيك من كلامك. و سمع الأعمش إنسانا يلحن فقال: من هذا الذي يتكلم و قلبي منه يتألم.
المتفادي في كلام الكبار عن كلام فيه إيهام
دخل سعيد بن مرة على معاوية فقال له: من أنت؟فقال: أنت سعيد، و أنا ابن مرة.
و قال السفاح للسيد الحميري: أنت السيّد؟قال أنا ابن أبي و أمير المؤمنين هو السيّد.
و سأل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قيس بن سعد: أنت أكبر أم أنا؟فقال: رسول اللّه أعزّ و أكبر و أنا أقدم منه في المولد. و قال عمرو بن عثمان لطويس: أيّنا أسنّ؟قال: لقد شهدت زفاف أمّك المباركة على أبيك الطيّب، فلم يجعل الطّيب صفة للام تفاديا من سوء ظنّ فيه.
و في ضدّ ذلك
ما روي أنّ عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه قال لرجل: أ تبيع هذا الثوب؟فقال: لا عافاك اللّه. فقال: لقد علمتم لو تعلمون قل: لا، و عافاك اللّه.
و تكلّم بعض أهل زماننا عند الصاحب فسأله عن شيء فقال: لا أطال اللّه بقاءك فقال: قل لا، و أطال اللّه بقاءك فقال: بعضهم ما رأينا واوا أحسن موقعا من واوك.
(7) و مما جاء في مفاضلة النطق و السكوت و المقال و السماع
تفضيل النطق على السكوت
قيل لزيد بن عليّ: الصمت خير من الكلام، فقال: لعن اللّه المساكتة فما أفسدها للسان و أجلبها للحصر، و اللّه المماراة [1] أسرع في هدم العيّ من النار إلى يبيس العرفج [2] .
و اختصم رجلان إلى سعيد بن المسيب في النطق و الصمت فقال: بما ذا أبين لكما ذلك؟فقالا بالبيان فقال: إذا الفضل له. و قيل لبعضهم: الصمت مفتاح السلامة، فقال و لكنّه قفل الفهم.
قال الشاعر:
خلق اللسان لنطقه و بيانه # لا للسكوت و ذاك حظّ الأخرس