فكم نوء من الصّهباء سار # و آخر منك بالمعروف غاد [1]
فهذا يستهلّ على غليلي # و هذا يستهل على بلادي
و كتب ابن الحجاج إلى صديق له:
يا سيّدي قد جاء زوّاري # فظلت في نار و في عار
فامنن بخمر أو فوجّه بمن # يخرجهم بالصّفع من داري
قال السري الرفاء مستدعيا شرابا:
الراح قد أعوزتنا في صبيحتنا # بيعا و لو وزن دينار بدينار [2]
فامنن بما شئت من راح يكون لنا # نارا فإنا بلا راح و لا نار
من استوهبه و رام إكبار الظّرف أو ترك المزاج
قال الرفاء:
عندي ضيف لم يزل مضيفا # فأهد لي خلوقك المذوفا [3]
تحوي له الشّكر له صنوفا # و كبر الظرف تكن ظريفا
و قال آخر:
و اعلم بأن ظروف الرّاح إن كبرت # عند الهدية أبدت ظرف مهديها
و قال جحظة:
و مرّ الغلام بتركه من مزجه # إن النوال يطيب غير مكدر
و قال الزاهي:
أرى المشروب عزّ و ذاك شيء # إذا حصّلته حصلت حمدي
فمرهم يبعثوه بغير مزج # فإنّ الماء ليس يضيق عندي
معاتبة من بخل بالنّبيذ
كتب الكتنجي إلى بعض إخوانه يستهديه نبيذا، فتباطأ عليه، ثم عاد الرسول، فقال هو يستدعي ظرفا يجعله فيه، فكتب إليه:
مطلتنا بالنّبيذ دهرا # ما بين مطل و بين خلف
و بعد دهر طلبت ظرفا # كأن قارورة بألف
فمن يرجيك بعد هذا # و لست ممّن يفي بظرف
فدعا الرجل سقاءين فملأ قربتيهما، و بعثهما إليه
[1] نوء: عطاء-الصهباء: من أسماء الخمر-الفادي: المبكّر.
[2] الراح: الخمرة.
[3] خلوقك المذوفا: الخلوق: الطيب من الزعفران، المذوف الممزوج.