كان الثوريّ يعجب بالرءوس و يسمّيها مرة عرسا لما تجمع من الألوان المختلفة الطيّبة، و مرّة الجامع، و مرّة الكامل و يقول: هو شيء واحد ذو ألوان عجيبة و أطعمة مختلفة. و قيل لأعرابي: تحسن أكل الرءوس؟فقال: نعم، أبخص عينيه و أقلع أذنيه و أفك لحييه و أشجّ شدقيه و أرمي بالعظم إلى من هو أحوج إليه منّي.
و دعا بعضهم آخر إلى دعوته، و قال: عندي رغف خوّارة و رءوس فوّارة. و دعي رجل إلى أكل الرءوس، فلما قام قال: أطعمكم اللّه من رءوس أهل الجنة. و قال ابن الرومي:
هام و أرغفة و ضاء ضخمة # قد أخرجا من فاحم فوّار
كوجوه أهل الجنّة ابتسمت لنا # مقرونة بوجوه أهل النّار
الدّماغ و المخّ
قيل: أضرّ الأطعمة للبدن الدماغ، فإنه يعلق بالمعدة و يتغرى ما بين غضونها، فلا يدخلها غداء و لا دواء إلا زلق عنها. و العرب تكره أكل المخ و تتعير به، و ذلك قول الشاعر:
و لا ننتفي المخّ الذي في الجماجم
قال الأصمعي: كان أعرابي في يده عظم و عنده ثلاثة بنين، فقال للأكبر: إن أعطيتك هذا العظم ما تصنع به؟قال: أتعرّقه حتى لا أدع لذرّ فيه مقيلا، قال الأوسط: أتعرّقه حتى لا يدري أ هو لعامنا أم لعام أول، فقال الأصغر: أتعرّقه ثم أتمشّشه ثم أدقّه فأستفه، فقال: