اختيار التلامذة و حثّ كلّ إلى تعلّم ما يليق به
سأل أفلاطون بعض تلامذته عن مسألة لم تكن تليق بحاله، فقال: لست من أهلها فلكل تربة غرس و لكل بناء أس.
و قيل: تصفح طلاب علمك كما تتصفح خطاب حرمك.
و كان يونس يختلف إلى الخليل يتعلم منه العروض فصعب عليه تعلّمه، فقال له الخليل يوما: من أي بحر قول الشاعر:
إذا لم تستطع شيئا فدعه # و جاوزه إلى ما تستطيع
ففطن يونس لما عناه الخليل فترك العروض.
و قيل اختر كل إنسان للفنّ الذي يستطيبه، فبقدر شهوته يكون نفاذه فيه.
منع العلم عن غير أهله
قال المسيح عليه السلام: لا تضعوا الحكمة في غير أهلها فتظلموها، و لا تمنعوها أهلها فتظلموهم. و كن كالطبيب الحاذق يضع دواءه حيث يعلم أنه ينتفع به.
و في بعض الكتب يا بني إسرائيل لا تطرحوا الدرّ بين أيدي الخنازير فتطؤه و هي لا تعرفه.
و قال الإمام الشافعي (رضي اللّه عنه) :
و من منح الجهّال علما أضاعه # و من منع المستوجبين فقد ظلم
و قيل: ما كلّ تريبة تحتمل القلائد، و لا كلّ ضريبة تستحقّ الفوائد.
النّهي عن تعليم الأوغاد، و ذمّهم إذا تعلّموا
قالت الحكماء: لا تعلمنّ الدنيء علما فيستفيده منك، و يصير به عدوا لك. فلأن يتضع ألف من عليّين أولى من أن يرتفع دنيء واحد.
و قيل لبعضهم: أي علم أضر؟فقال: ما يفاد الأوغاد. و قيل لأبي سنان: تموت و تدخل علمك معك القبر، فقال: ذاك أحبّ إليّ من أن اجعله في إناء سوء.
و رأى حكيم رجلا يعلم دنيئا علما فقال له: أ تسقي سهما ترمى به يوما.
و قال دعبل في أبي تمّام:
إن عابني لم يعب إلا مؤدّبه # فنفسه عاب لمّا عاب آدابه
و كان كالكلب أضراه مكلبه # كيما يصيد له فاصطاد كلابه [1]
و قال آخر:
أعلّمه الرماية كلّ يوم # فلمّا اشتدّ ساعده رماني
[1] أضراه: من الضراوة و هي العادة و الدربة.