نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 661
أرزاق ربّ لأقوام يقدرها # من حيث شاء فيجريهن في هبة
صعوبة الجود في النّفوس
قيل لحاتم: كيف تجد الجود في قلبك؟فقال: إني لأجده كما يجده الناس و لكن أحمل على خطط الكرام. و قال البحتري:
و أشقّ الأفعال أن تهب الأنفس ما # أغلقت عليه الأكفّ
و قال الجريمي:
و دون النّدى في كلّ قلب ثنيّة # لها مصعد حزن و منحدر سهل [1]
كون السّماحة كالشّجاعة
قيل: من جاد بماله فقد جاد بنفسه و إن لم يجد بها فقد جاد بما لا قوام لها لا به.
و وصف رجل خالد بن عبد اللّه القسري بالشجاعة، فقال بعض من حضره: إن خالدا لم يلق حربا قط، فقال: الصبر على السخاء أشد من الصبر في الهيجاء. و قال ابن أبي خالد:
لا تعدّن نفسك شجاعا حتى تكون جوادا، فإنك إن لم تقو على أن تقاتل نفسك على البخل لا تقدر على عدوك بالقتل. إن الجواد على بذل الندى البطل. و قيل: السخي شجاع القلب و البخيل شجاع الوجه.
و قال أبو تمّام:
و إذا رأيت أبا يزيد في ندى # الوغا و وغى و مبدئ غارة و معيدا
أيقنت أنّ من السماح شجاعة # تدمي و أنّ من الشجاعة جودا
و قال البديهي:
و إذا اختبرت علمت غير مدافع # أن السماح سجيّة الأبطال
كون البخل منافيا للخصال المحمودة
قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: شرّ ما في الإنسان شح هالع [2] و جبن خالع. و روي عنه صلّى اللّه عليه و سلم: أي داء أدوى من البخل.
و سمع رجل يقول: الشحيح أغدر من الظالم، فقال: لعن اللّه الشحيح و لعن الظالم، فإن خصلتين خيرهما الظلم لخصلتا سوء.
و قال كسرى لجلسائه: أي شيء أضرّ فأجمعوا على الفقر، فقال: الشحّ أضر منه لأن الفقر قد ينفرج و الشحّ لا يفارق. و قيل: من أيقن بالخلف جاد بالنشب، و ذلك من قول النبي صلّى اللّه عليه و سلم منع الموجود سوء الظن بالمعبود. و من هذا أخذ الفضل بن سهل فيما حكى عنه أنه قال: رأيت جملة البخل سوء الظن باللّه و جملة السخاء حسن الظن باللّه.