فكم من مرّة قد ضاق رزقي # فأنكبني المنى و الربّ ربّ
النّهي عن الاعتذار بالشغل
اعتذر رئيس إلى سائل بقلّة فراغه، فقال: لا بلغني اللّه يوم فراغك فقضى حاجته في الوقت. قال أبو علي البصير:
لا تصيّر شغلك اليو # م اعتذارا لمطالك
إنّما يحمد أن تفـ # رغ في وقت اشتغالك
لو تفرغت من الشغـ # ل استوينا في المسالك [1]
من سأل و ذكر أنّ إعطاءه و منعه يظهران في الورى
و قال شاعر:
بأي الخصلتين عليك أثني # فإنّي عند منصرفي سئول
أ بالحسنى و ليس لها ضياء # عليّ، فمن يصدّق ما أقول؟
أم السوأى و لست لها بأهل # و أنت لكلّ مكرمة فعول [2]
و قال آخر:
ما ذا أقول إذا انصرفت و قيل لي # ما ذا أفدت من الجواد المفضل
فاختر لنفسك ما أقول فإنّني # لا بدّ مخبرهم و إن لم أسأل
الرّاضي بأخذ الطفيف بعد سؤال الكثير
قال أعرابي لمعاوية: استعملني على البصرة، قال: ما أريد بعاملها بدلا، قال:
أقطعني البحرين، قال: مالي إلى ذلك سبيل، قال فمر لي بألف درهم فأمر له، فقيل له:
قد اشططت أولا ثم انحططت آخرا، فقال: لو لا طلبي كثيرا ما أعطاني قليلا. و قال خالد بن عبد اللّه لأعرابي قال فيه:
أ خالد بين الحمد و الأجر حاجتي # فأيّهما تأتي و أنت جواد
سل ما بدا لك، فقال: مائة ألف درهم، قال أسرفت، قال: ألف درهم، قال خالد:
ما أدري أ من إسرافك أتعجب أم من حطك، فقال: إني سألتك على قدرك، فلما أبيت سألت على قدري، فقال: إذا و اللّه لا تغلبني على معروفي.
[1] استوينا في المسالك: أي تبنا كلانا لا شغل له.
[2] السوأى: الخلّة القبيحة، و هي ضدّ الحسنى.