نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 613
قلّة وجود الزّهد
سمع بعضهم رجلا يقول: أين الزاهدون في الدنيا الراغبون في الآخرة؟فقال: اقلب وضع يدك على من شئت، قال:
و قلّما تجد الراضين بالقسم
و قيل: لم يقسم اللّه شيئا بين العباد أقل من الزهد و اليقين.
التخويف من النفس و الشهوة و الاستعاذة منهما
قال ابن عباس رضي اللّه عنهما: الهوى إله معبود. الخائف من يخاف نفسه أكثر مما يخاف عدوه. قال ابن مسعود رضي اللّه عنهما: اللهم إني أستعيذك على نفسي عدوّي و لا عقوبة فيها.
و قال أعرابي لرجل: كبت اللّه كل عدو لك إلا نفسك. و قال صوفي: من توهم أن له عدوّا أعدى من نفسه قلّ علمه بنفسه.
و قال يحيى بن معاذ رضي اللّه عنه: من سعادة المرء أن يكون خصمه عاقلا و خصمي لا عقل له، فقيل له و من خصمك؟فقال: نفسي، فأيّ عقل لها و هي تبيع الخلود في الجنة بشهوة ساعة.
من سامح نفسه فيما تحب أتعب جوارحه و فقد من الراحة حظّه. من كثرت شهوته دامت هفوته.
قال شاعر:
و لم تتغالب شهوة و مروءة # فيفترقا إلا و للشهوة الغلب
و قال آخر:
شهوات الإنسان تكسبه الذ # لّ و تلقيه في البلاء الطويل
قال ابن المقفع: أعظم الجهاد جهاد المرء نفسه، لقول اللّه تعالى إن النفس لأمارة بالسوء.
قال عمر رضي اللّه عنه: جاهدوا أنفسكم كما تجاهدون أعداءكم. و كان الحجاج يقول على المنبر: اقذعوا هذه النفس فإنها طلعة [2] . و قال الجنيد رحمه اللّه تعالى: لا تسكن إلى نفسك و إن دامت طاعتها فإن لها خدائع و متى سكنت إليها فأنت مخدوع.
و سئل أنوشروان: أي الأشياء أحق بالاتقاء؟قال: أعظمها مضرة. قال: فإن جهل قدر المضرة؟قال: أعظمها من الهوى نصيبا، فالهوى للنفس البهيمة و الرأي للنفس الإنسانية.