نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 612
و قال ابن نباتة:
كلّما يفضل الكاف فضول
التحذير من طول الأمل و قرب الأجل
كم من مستقبل يوما ليس بمستكمله و منتظر غدا ليس من أجله، و لو رأيتم الأجل و مروره لأبغضتم الأمل و غروره. و كان الحسن رضي اللّه عنه إذا نعى له دنيوي، يقول:
شقي و اللّه ما بقيت له الدنيا و لا بقي لها، و لو ظهرت الآجال لافتضحت الآمال. من جرى في عنان أمله عثر لا شك في أجل. كم منية جلبت منية.
بقاء الأمل و ازدياده مدة بقاء الأجل
قيل: : الآمال لا تنتهي و الحي لا يكتفي. و قيل: المرء ما دام حيا خادم الأمل. و في الخبر: يهرم ابن آدم و يشب معه اثنان الحرص و الأمل. أخذه المتنبي، فقال:
و في الجسم نفس لا تشيب لشيبه # و لو أنّ ما في الوجه منه حراب [1]
يغيّر منّي الدهر ما شاء غيرها # و أبلغ أقصى العمر و هي كعاب [2]
و قيل للمسيح: ما بال المشايخ أحرص على الدنيا من الشبان، فقال: لأنهم ذاقوا من طعم الدنيا ما لم يذقه الشبان.
حاجة الحيّ لا تنقطع
قال اللّه تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا اَلْإِنْسََانَ فِي كَبَدٍ[3] قيل معناه: يكابد مضايق الدنيا ما دام حيا بعضهم. و حاجة من عاش لا تنقضي، و قال عبدة بن الطبيب:
و المرء ساع لأمر ليس يدركه # و العيش شح و إشفاق و تأميل
و أنشد ذلك عمر رضي اللّه عنه، فأخذ يكرره و يعجب من صحة تقسيمه. و قال آخر:
النّفس لا تنقضي مآربها
و قال آخر:
و المرء تواق إلى ما لم ينل
و قال الموصلي:
المرء ما عاش لا يزال له # في نفسه حاجة يطالبها
و قال لبيد:
إذا المرء أسرى ليله خال أنّه # قضى عملا و المرء ما عاش عامل [4]
[1] كنى بشيب النفس عن الضعف-الحراب: كناية عن الشعرات البيض في وجهه.
[2] الكعاب: الجارية التي بدا ثديها للنهود، و المعنى أن نفسه شابة أبدا.