عدم المجد حيث عدم المال
كان طلحة رضي اللّه عنه يقول: اللهم ارزقني مجدا و مالا فلا يصلح المجد إلا بالمال، و لا يصلح المال إلا بالأفعال.
قال المتنبي و قد أخذ هذا المعنى:
فلا مجد في الدنيا لمن قلّ ماله # و لا مال في الدنيا لمن قلّ مجده
و قال هرم بن عمير التغلبي:
إني امرؤ هدم الاقتار مأثرتي # و اجتاح ما بثّت الأيام من خطري [1]
أرومة عطلتني من مكارمها # كالقوس عطّلها الرامي من الوتر
و مما يناقض هذا الباب قول جرثومة بن مالك:
فتى إن تجده معوزا من تلاده # فليس من الرأي الأصيل بمعوز [2]
و قال الأحنف:
و إن المروءة لا تستطاع # لمن لم يكن ماله فاضلا
صعوبة الفقر على ذي همّة وجود
قيل لحكيم من أشقى الناس؟فقال من اتسعت معرفته و ضاقت مقدرته.
و قال أعرابي: لا تنظر إلى هيئتي و انظر إلى همّتي.
و قال الطرمّاح:
أرى نفسي تتوق إلى أمور # و يقصر دون مبلغهنّ مالي
فنفسي لا تطاوعني لبخل # و مالي لا يبلغني فعالي
و قال المتنبّي:
إلى اللّه أشكو لا إلى الناس أنني # أرى صالح الأخلاق لا أستطيعها
أرى خلة في إخوة و قرابة # و ذي رحم ما كنت ممّن يضيعها
و قال آخر:
أرى الدهر يجفوني و نفسي عزيزة # و ليس معي زهد فأسطو على الدّهر
صعوبة الفقر على متعودي اليسر
كان النبي صلّى اللّه عليه و سلم يتعوذ من الحور بعد الكور [3] ، و قال: ارحموا ثلاثة، عزيز قوم ذل و غني قوم افتقر و عالما بين جهال.
[1] الإقتار: الحاجة و العوز-خطري: ارتفاع قدري.
[2] معوزا من تلاده: فقير المال، و التلاد الموروث من المال و المجد.
[3] الحور: النقص و الهلاك-الكور: الزيادة.