نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 527
فإن جسيمات الأمور مشوبة # بمستودعات في بطون الأساود [1]
مدح الخمول مع الغنى
قيل لحكيم: من أنعم الناس عيشا؟، فقال: من اتسعت مقدرته و قصرت همته. و قال عبد الملك لأعرابي: تمنّ. فقال: العافية و الخمول فإني رأيت الشر إلى ذي النباهة أسرع، فقال: ليتني كنت سمعت هذه الكلمة قبل الخلافة.
و قيل لسعد: أرضيت أن تكون مشغولا بأغنامك و الناس يتنازعون الملك، فقال:
سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يقول: إن اللّه يحبّ الغني التقي الخفي، قال البريدي:
و ما العيش إلا في الخمول مع الغنى # و عافية تغدو بها و تروح [2]
قال بعضهم: جرّبنا العيش فوجدنا أهنأه أدناه. و قال محمد بن زبيدة: أ تروني لا أعرف الإيراد و الإصدار، و لكنّ شرب كأس، و شم آس، و استلقاء من غير نعاس أحب إليّ من مداراة الناس.
مدح التوسّط في الأمور
مدح اللّه تعالى التوسّط في كلّ الأمور، فقال تعالى: وَ كَذََلِكَ جَعَلْنََاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدََاءَ عَلَى اَلنََّاسِ[3] ، و قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: خير الأمور أوساطها. و قيل: الغلوّ في العلو مؤد إلى وضع الضعة. و قيل: أكثر الخير في الأوساط.
قال أبو العتاهية:
عليك بأوساط كل الأمور # وعد عن الجانب المشتبه [4]
ذمّ التوسّط
قال كشاجم:
و قالوا عليك وسيط الأمور # فقلت لهم أكره الأوسطا
إذا لم أكن في ذرا شاهق # و لا في حضيض وطيء المطا [5]
و حاولت في مرتقى هائل # توسطه خفت أن أسقطا
و قيل ممّا يستقبح: معنى وسط و مغن وسط و نادرة وسط و حقيقة الوسط ما لم يكن سنيا و لا دنيئا، كما قال أبو مهدية الأعرابي، و قد سئل عن طعام، فقال: ليس بخسيس و لا
[1] جسيمات الأمور: العظيمة-مشوبة: مختلطة-الأساود: جمع السواد، أي الشخص.
[2] يؤثر الدعة و السلامة في ظلّ الغنى على السيادة و المجد محفوفين بالمخاطر.