نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 498
استرداد ظروف الهدايا و تركها
قال الغنوي: استديموا الهدايا برد الظروف، و قال إسحاق بن إبراهيم: كنت مع الرشيد بالكوفة في شهر رمضان، فقال لموسى بن عيسى: يا أبا عيسى. حلواؤنا عليك، و كان يوجه إليه كل ليلة عشر صحاف. فلما كان بعد عشر ليال قطعها، فقال له الرشيد أ صغوت فقطعت الحلواء، فقال: ما قطعها غيرك إن أنصفت. قال: كيف؟قال: إن من يأخذها منا لا يريد صحفة و لا منديلا و لا طبقا، قال: بئس ما عمل إن الهدايا تستدام برد الظروف فإذا صرت المتقاضي و أنت القاضي فلا تحتشم أحدا في استرداد الظروف.
للصاحب و قد أهدى دنانير على طبق فضة فكتب بأبيات فيها:
و الظرف يوجب أخذه مع ظرفه
الاعتذار من إهداء شيء طفيف
كتب بعضهم: سهل لي سبيل الملاطفة فأهديت هدية من لا يحتشم إلى من لا يستغنم. كتب أحمد بن يوسف: للهدية معنيان كلاهما يوجب القبول، و إن قل. و قيل: إن كان لك عند المهدي يد فلا تستقصر بمزيدك و إن كان مبتدئا، فالتفضل لا يستقل الهدية.
أظرفها أخفها و أقلها أنبلها. و كتب آخر قدمت المعذرة في إهداء ما اتسعت به المقدرة.
و روي أن سليمان عليه الصلاة و السلام مرّ بعش قنبرة فأمر الريح أن تتجنب عشها الذي فيه فراخها. فجاءت القنبرة لما نزل سليمان فرفرفت على رأسه و ألقت جرادة هدية له لما فعل، فقال سليمان: هي مقبولة فكل يهدي على قدر وسعه. و مما يروى لأبي يوسف القاضي:
علينا بأن نهدي إلى من نحبّه # و إن لم يكن في وسعنا ما يشاكله [1]
أ لم ترنا نهدي إلى اللّه ماله # و إن كان عنه ذا غنى فهو قابله
و قال دعبل:
هذي هدية عبد أنت ملبسه # ثوب الغنى فاقبل الميسور من خدمك
و قال الخبزارزي:
تفضّل بالقبول على أنّي # بعثت بما يقلّ لعبد عبدك
أهدى بعض الأدباء إلى المعتز شيئا، و كتب إليه: لا يعيب العبد أن يهدي إلى سيده القليل من نعمته عنده و لا السيد أن يقبل ذلك و إن كان الكل له و السلام.
المقتصر في الهديّة على الشّكر
قال المازني: أظرف من اعتذر للفقر و اقتصر على الشكر في الإهداء أحمد بن إبراهيم