فبفضل القحّة و نبذ المروءة و خلع ربقة الحياء و قلة الاكتراث بسوء الثناء.
الحثّ على قطع مادّة الذمّ بالسّكوت عنه
قيل: من سمع كلمة كرهها فسكت عنها انقطعت، و إلا سمع أكثر منها. و ما أحسن ما قال الشاعر:
و تقلق نفس المرء من أجل شتمة # فيشتم ألفا بعدها ثمّ يصبر
و قيل: إذا سمعت كلمة تؤذيك فتطأطأ لها تتخطاك.
قال شاعر:
كلّما خفت من لئيم جوابا # فأطلت السّكوت عنه غممته
و شتم الحسن رجل و أكثر، فقال: أما أنت فما أبقيت شيئا و ما يعلم اللّه أكثر.
ذمّ من ينزّه عن سبّه
قيل: ذمّ من كان خاملا إطراء، و شتم رجل آخر فلم يرد عليه، فقيل له في ذلك، فقال: أ رأيت لو نبحك كلب أ تنبحه أو رمحك حمار أ كنت ترمحه. و قال آخر:
قد ينبح الكلب النّجوما
و قال آخر:
و ما كلّ كلب نابح يستفزّني # و لا كلّما طنّ الذّباب أراع
و قال شاعر:
شاتمني عبد بني مسمع # فصنت منه النّفس و العرضا
و لم أجبه لاحتقاري له # من ذا يعضّ الكلب إن عضّا
و قال عليّ بن الجهم:
بلاء ليس يشبهه بلاء # عداوة غير ذي حسب و دين
ينيلك منه عرضا لم يصنه # و يرتع منك في عرض مصون [1]
و نحو ذلك ما قال جرير لذي الرمة: هل لك أن تهاجيني؟، فقال: لا، إن حرمك قد هتكتهن الأشعار فما فيهن مرتع.
أ و كلّما طنّ الذّباب زجرته # إنّ الذّباب إذا عليّ كريم
[1] يرفع في عرض مصون: يتمادى في شتمه.