قال الشاعر:
أصبحت تنفخ في رمادك بعد ما # ضيّعت حظّك من وقود النّار
الأمر بترك التلهف على ما فات
قال اللّه تعالى: لِكَيْلاََ تَأْسَوْا عَلىََ مََا فََاتَكُمْ .
قيل: أكبر الأدواء للبدن التلهف على ما لا يدرك. إن ليتاوان لو إعناء.
إظهار النّدامة و التأسّف
عضضت أناملي و قرعت سنّي [1]
و قال الكسعي و خبره مشهور:
ندمت ندامة لو أنّ نفسي # تطاوعني إذا لقطعت خمسي
تبيّن لي سفاه الرأي منّي # لعمر أبيك حين كسرت قوسي
و هذا هو المضروب به المثل في الندامة و إياه عنى الفرزدق بقوله:
ندمت ندامة الكسعيّ لما # غدت منّي مطلّقة نوار
و قال صخر بن عمرو:
أهمّ بأمر الحزم لو أستطيعه # و قد حيل بين العير و النزوان [2]
قال آخر:
و كنت كناشب في الوحل ينوي # نهوضا و هو يزداد ارتطاما [3]
مدح من لا يندم فيما يباشره
قال أبو الأصمع: لا ينهض العجز في أعقاب نهزته [4] ، و لا يصاحب عزما حين يخترم [5] المتنبي:
فما تكشّفك الأعداء عن ملل # من الحروب و لا الآراء عن زلل
و قال الموسوي في مدح بعضهم:
في قرعه سنّه لا يطمع النّدم
[1] عضضت أناملي و قرعت سنّي: كناية عن الندم و الحسرة على ما فات و لا يمكن استدراكه.
[2] النزوان: الوثب.
[3] الناشب: العالق غير القادر على الخلاص أو الفكاك.
[4] النهزة: السانحة أو الفرصة الملائمة.
[5] اخترم يخترم (الأمر) : مضى و انقضى، و اخترم (فلان) : مات.