نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 356
و كان لعبد الملك صديق يختصه، فغاب عنه غيبة قتل عبد الملك فيها عمرو بن سعيد بعد أن أمنه. فلما قدم قال له يوما: ما تقول في قتل عمرو بن سعيد؟فقال: اعفني.
فقال: أقسمت عليك لتقولنّ. فقال لو قتلته يا أمير المؤمنين و أنت كان حي جميلا. فقال أ و ما تراني حيا قال ليس بحي من أقام نفسه مقاما لا يوثق به، و اللّه لا يخرج عليك بعدها خارجى إلا و بلغ الغاية في معاداتك، و إن بذلت له كل أمانة. فقال عبد الملك: لو سبق إلى إذني لم أصنع ما صنعت، و لقد صدق من قال نصف عقلك مع صاحبك.
و أكثر من تلقى يسرّك قوله # و لكن قليل من يسّرك فعله
و قد كان حسن الظنّ بعض مذاهبي # فأدبّني هذا الزمان و أهله [3]
و قد تقدم هذا الباب.
ذمّ من ساء ظنّه
قيل لبعضهم: ما ظنّك بالناس؟قال: ظنّي بنفسي. قال المتنبّي:
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه # و صدّق ما يعتاده من توهم
و قيل: أخفض الناس [4] من لا يثق بأحد و لا يثق به أحد.
النهي عن الوقوف موضع التّهمة
قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يقومن مقام التهمة. و قيل: من وقف موقف التهمة لم يكن له أجر الغيبة. من جعل نفسه عرضا للتهم فلا يلومنّ من أساء به الظن.
[1] جحظة: هو أحمد بن جعفر و هو من البرامكة. اتصل بالخليفة المعتمد و حظي عنده و كان شاعرا بارعا يجيد الغناء و كان أيضا من ظرفاء عصره و لعلّ ظرفه ساعد على تقبّل دمامته و قبح وجهه.
[2] الببغاء: هو أبو الفرج عبد الواحد بن نصر المخزومي أصله من نصيبين بالعراق. لقب بالببغاء للثغة في لسانه. اتصل في شبابه بسيف الدولة ثم قدم الموصل. أكثر شعره في الغزل و الخمر و المدح. مات سنة 398 هـ.
[3] يقول: كان حسن الظن أحد مذاهبي في الحياة، لكنّ صروف الدهر و طبائع الزمان و أهله علمتني فبدّلت آدابي و معتقدي.