نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 353
الانصراف إلى دارك أتدلج [1] علي؟فقال: نعم، فكان يفعل ذلك به. فلما كان ذات يوم قتل بعض الخوارج صاحب شرطة زياد، فأمر زياد أن يقتل من في الحبس من الخوارج و كان مرداس خارجا، فقال أهله: اتّق اللّه في نفسك فإنّك مقتول إن رجعت، فقال: ما كنت لألقى اللّه غادرا و هذا جبار و لا آمن أن يقتل السجان فرجع، و قال للسجّان:
تساقط [2] إليّ ما عزم صاحبك عليه من قتل أصحابنا فبادرت لئلا يلحقك مكروه، فقال السجّان: خذ أي طريق شئت فانج نجّاك اللّه.
الوفيّات من النساء
قال أبو عبيدة: لم تف امرأة لزوجها إلاّ قضاعيتان نائلة بنت الفرافصة امرأة عثمان رضي اللّه عنه، و ذلك أنه خطبها معاوية لما قتل عثمان فدعت بفهر [3] ، فقلعت ثنيتها [4] و قالت: أني رأيت الحزن يبلى فلم آمن أن يبلى حزنى فتدعوني نفسي إلى التزوّج و امرأة هدبة فإنها حين قتل زوجها قطعت أنفها و كانت حسنة الأنف لئلا يرغب فيها.
قلّة الوفاء في النّاس و وصف عامّتهم بالغدر
قال تعالى: وَ مََا وَجَدْنََا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَ إِنْ وَجَدْنََا أَكْثَرَهُمْ لَفََاسِقِينَ[5] و كان يحيى بن خالد إذا اجتهد في يمينه يقول: لا و الذي جعل الوفاء أعز ما يرى. و كان يقول هو أعز من الوفاء، و قيل لحكيم أي أصناف الناس أقل وفاء فقال أهل الأمانة و الوفاء.
قال موسى العلوي:
و خان الناس كلّهم # فلا أدري بمن أثق
قال المتنبّي:
غيري بأكثر هذا الناس ينخدع # إن قاتلوا جبنوا أو حدّثوا شجعوا
أهل الحفيظة إلا أن تجرّبهم # و في التجارب بعد الغيّ ما يزع [6]
قال أبو فراس:
بمن يثق الإنسان فيما ينوبه # و من أين للحرّ الكريم صحاب
و قد صار هذا الناس إلا أقلّهم # ذئابا على أجسادهنّ ثياب
و له:
أبغي الوفاء بدهر لا وفاء له # كأنّني جاهل بالدّهر و النّاس