ذكر السبب الداعي إلى التكبّر
قال المأمون [1] : ما تكبّر أحد إلاّ لنقص وجده في نفسه و لا تطاول إلاّ لوهن أحسنّ من نفسه قال أحمد بن إسماعيل:
رأيت الرئاسة مقرونة # بلبس التكبّر و النخوه
ذمّ متكبّر لولاية نالها
قيل: من نال منزلة فابطرته دل على رداءة أصله و عنصره. قال أحمد بن أبي طاهر:
و تاه سعيد أن أفيد ولاية # و قلّد أمرا لم يكن من رجاله
و أدبر عنّي عند إقبال حظّه # و غيّر حالي عنده حسن حاله
و ضاق علي حقّي بعقب اتساعه # فأوسعته عذرا لضيق احتماله
و قال سفيان رحمه اللّه: السفل إذا تمولوا استطالوا و إذا افتقروا تواضعوا و الكرام إذا تموّلوا تواضعوا و إذا افتقروا استطالوا. قال صالح بن عبد القدوس:
تاه على إخوانه كلّهم # فصار لا يطرف من كبره [2]
أعاده اللّه إلى حاله # فإنّه يحسن في فقره [3]
المبغيّ عليه منصور
قال اللّه تعالى: ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اَللََّهُ [4] ، و قال تعالى: إِنَّمََا بَغْيُكُمْ عَلىََ أَنْفُسِكُمْ [5] و قال صلّى اللّه عليه و سلم: ما رأيت أسرع هلاكا من البغي، و قال صلّى اللّه عليه و سلم: ذنبان عجل عقوبتهما:
البغي و قطيعة الرحم.
قال يزيد بن الحكم:
البغي يصرع أهله # و الظلم مرتعه و خيم [6]
ذمّ متكبّر بخيل أو دنيء
قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: البخل و الكبر لا يجتمعان في مؤمن. و قيل: من استطال بغير تطوّل و امتنّ بغير منّة فقد استعجل المقت.
قال عليّ بن الجهم:
جمعت أمرين ضاع الحزم بينهما # تيه الملوك و أفعال المماليك
[1] المأمون: خليفة عبّاسي هو ابن هارون الرشيد. (170-218 هـ/786-833 م) أمّه جارية فارسية قتل أخاه الأمين و خلفه. أنشأ بيت الحكمة في بغداد.
[2] لا يطرف: لا يحرك عينيه بالنظر.
[3] يحسن: يجمل.
[4] القرآن الكريم: الحج/60.
[5] القرآن الكريم: يوسف/23.
[6] مرتعه وخيم: أي عاقبته سيئة، و المرتع أصلا مكان الرتع، من رتع رتعا و رتوعا المكان أخصب.