نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 320
فاستحقر [1] المرزبان أمره، إلى أن انتهى إليه و هو نائم في ناحية المسجد فلما رفع رأسه امتلأت نفس المرزبان منه رعبا فقال: هذا و اللّه الملك الهنيء لا يحتاج إلى حراس و لا إلى عدد و قال عمر رضي اللّه عنه حين نظر إلى صفوان مبتذلا لأصحابه هذا رجل يفر من الشرف و الشرف يتبعه، و قال معاوية لرجل: من سيّد قومك؟فقال: الجاهم الدهر إليّ فقال بمثله من التواضع يحل الشرف، و قال عمر رضي اللّه عنه أريد رجلا إذا كان في القوم و هو أميرهم كان كبعضهم فإذا لم يكن أمير فكأنه أميرهم، قال أبو تمام:
متبذل في القوم و هو مبجّل # متواضع في الحيّ و هو معظّم [2]
و قال آخر:
متواضع و النبل يحرس قدره # و أخو التواضع بالنباهة ينبل
قال الخوارزمي:
عجبت له لم يلبس الكبر حلّة # و فينا إذا جزنا على بابه كبر
ذمّ التكبر و النهي عنه
قال اللّه تعالى: أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ[3] و قال تعالى: كَذََلِكَ يَطْبَعُ اَللََّهُ عَلىََ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبََّارٍ[4] ، و قال: إِنَّهُ لاََ يُحِبُّ اَلْمُسْتَكْبِرِينَ[5] ، و قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم:
إن اللّه يقول الكبر إزاري [6] و العظمة ردائي، من نازعني واحدا منهما ألقيته في النار، و أخذ أبو نواس هذا المعنى فقال:
حذّرتك التيه لا يعلقك ميسمه # فإنّه ملبس نازعته اللّه
و قال بزرجمهر: وجدنا التواضع مع الجهل و البخل، أحمد عند العقلاء من الكبر مع الأدب و السخاء. فانبل بحسنة غطّت سيئتين، و أقبح بسيئة غطت على حسنتين. كم من صلف أدى إلى تلف، العجب لابن آدم لم يتكبر و قد جرى في مجرى البول مرتين. أخذ ابن الرومي ذلك فقال:
كيف يزهو من رجيعه # أبا الدهر ضجيعه
قال: منصور الفقيه، يا قريب العهد بالمخرج لم لا تتواضع، و يروى عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم لا يبغى على الناس إلاّ ولد بغى أو من فيه عرق سوء، و قيل: ما تاه إلاّ وضيع و لا فاخر إلا سقيط و لا تعظم إلا لقيط [7] و قيل: دع الكبر فمتى كنت من أهل النبل لم يضرك التبذّل و متى لم تكن من أهله لم ينفعك التبتل.
[1] المرزبان: الرئيس عند الفرس، و قوله: استحقر المرزبان أي احتقره و ازدراه.