نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 293
فقال له مصعب: هذا لك و علينا أن نعطيه ذلك، قال المتنبّي:
فاغفر فديتك و أحبني من بعدها # لتخصّني بهدّية منها أنا [1]
و قال:
رددت مالا و لم تمنن عليّ به # و قبل مالي قدما قد حقنت دمي
المتوصّل إلى العفو بدفع الوقت
أتي عبيد اللّه بن زياد [2] بخارجيّ فأمر بقتله، فقال: إن رأيت أن تؤخّرني إلى غد فأمر بتأخيره فقال:
عسى فرج يأتي به اللّه إنّه # له كلّ يوم في خليقته أمر
فعفا عنه. و غضب المأمون على علي بن الجهم [3] فقال: لآخذن مالك و لاقتلنك اقتلوه. فقال أحمد بن أبي [4] دؤاد: إذا قتلته فمن أين تأخذ المال يا أمير المؤمنين؟قال:
من ورثته، فقال: حينئذ تأخذ مال الورثة و أمير المؤمنين يأبى ذلك. فقال: يؤخّر حتى يستصفى ماله. و انقضى المجلس و سكن غضبه و توصل إلى خلاصه.
قال شاعر:
و إذا ابن عمك لجّ بعض لجاجه # فانظر به غده و لا تستعجل
المتوصّل إلى ذلك بالتثبّت إلى حين التبيّن
قال اللّه تعالى: إِنْ جََاءَكُمْ فََاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهََالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلىََ مََا فَعَلْتُمْ نََادِمِينَ[5] ، و قيل: لوال: تأنّ فإن التأني من الوالي صدقة. و غضب الرشيد على رجل فقال له جعفر: غضبت للّه فاطع اللّه في غضبك بالوقوف إلى حال التبين كما غضبت له.
و قال الشعبيّ لعبد الملك: إنّك على إيقاع ما لم توقع أقدر منك على ردّ ما أوقعت.
فأخذ هذا المعنى شاعر، فقال:
فداويته بالحلم و المرء قادر # على سهمه ما دام في يده السّهم
[1] فديتك: و في رواية فدى لك-أحبني: حباه: أعطاه-و قوله: منها أنا معناه إذا غفرت لي فكأنّك وهبت لي نفسي.
[2] عبيد اللّه بن زياد بن أبيه (ت 67 هـ/686 م) عامل الأمويين في العراق. قتل مسلم بن عقيل و قضى على الحسين في معركة كربلاء (61 هـ/680 م) قتله إبراهيم بن الأشتر قائد المختار الثقفيّ في معركة الخازر.
[3] عليّ بن الجهم: شاعر عبّاسي، هجا المتوكل فحبس. مات سنة 249 هـ (863 م) .
[4] أحمد بن أبي دؤاد: (ت 240 هـ/854) . قاض من المعتزلة. ولد في البصرة جعله المعتصم قاضي القضاة.