من حجب فشتم و هجا بالبخل
قال مالك بن طوق [1] : دخل عليّ يوما مجنون و نحن نأكل، فأكل معنا ثم جاء يوما آخر فحجب فرآني يوما مع أماثل البصرة فقال:
عليك إذنا فإنا قد تغدّينا # لسنا نعود و إن عدنا تعدّينا
يا أكلة سلفت أبقت حرارتها # داء بقلبك ما صمنا و صلّينا [2]
فما أتى عليّ يوم أشد منه حزنا. و قال آخر:
كلما جئناك قالوا # نائم غير مفيق
لا أنام اللّه عينيك و إن كنت صديقي
و قال بعض البغداديين:
حجابك الصعب سهل # إذا دهتك مصيبه
فلا عدمت رزايا # مطيعة مستجيبه
من يتّخذ حاجبا مع سوء حاله
قال بعض الشعراء:
يا أميرا على جريب من الأر # ض له تسعة من الحجّاب [3]
قاعد في الخراب يحجب عنه # ما رأينا بحاجب في خراب
تخويف من يشدّد الحجاب
مرّ زاهد ببعض القصور، و رأى حجّابا على بابه فسأل عنه، فقيل هو لسالم بن فلان، رجل كثير المال عريض الجاه و قد مرض فاحتجب عن الناس، فقال:
و ما سالم من وافد الموت سالما # و إن كثرت حجّابه و كتائبه
و من كان ذا باب منيع و حاجب # فعمّا قليل يهجر الباب حاجبه [4]
هجاء بوّاب:
سأهجر بابا أنت تملك أمره # و لو كنت أعمى عن جميع المسالك
فلو كنت بوّاب الجنان تركتها # و يمّمت عنها مسرعا نحو مالك
[1] مالك بن طوق: التغلبي (ت 873 م) من ولاة العباسيين بنى مدينة الرحبة على الفرات في عهد المأمون.
[2] سلفت: مضت.
[3] الجريب من الأرض: مبزر جريب و المبذر صاع، و الجريب أيضا مكيلة أو مكيال قدره أربعة أقفزة، و عن ابن دريد أن الجريب لفظة ليست عربيّة.
[4] يقول: يهجر الباب إذا كثر حجّابه.