نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 157
يكذب، فقال: كان أحمق، من الحسن الكذب. إن الكذوب من يكون متحفّظا.
النهي عن سماع الكذب
قيل: أجعل قول الكذّاب ريحا لتستريح، و قال أبو تمّام:
و من يأذن إلى الواشين تسلق # مسامعه بألسنة حداد [1]
و قالوا: نزّه سمعك عن سماع الكذب، كما تنزّه لسانك عن التفوّه به.
ما أجيز فيه الكذب
روي عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: كلّ كذب مكتوب، إلا كذب الرجل في الحرب، فإنها خدعة، أو كذب المرء بين الرجلين ليصلح بينهما، أو كذبه لامرأته ليرضيها.
و قيل لفيلسوف: متى يحمد الكذب؟ قال: إذا قرّب بين المتقاطعين. قيل: فمتى يذمّ الصدق؟قال: إذا كان غيبة.
أتى معاوية رضي اللّه عنه بلصّ، فقال زياد: أصدق. فقال الأحنف: الصدق أحيانا معجزة.
قال الشاعر:
الصدق أفضل ما نطقت به # و لربّما نفع الفتى كذبه
و قال آخر:
طلبنا النفع بالباطل # إذا لم ينفع الصدق
جواز التعريض
أقبل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم مردفا [2] أبا بكر عام الهجرة، فقيل لأبي بكر: من هذا قدّامك؟ قال: رجل يهديني السبيل، تعريضا بأنه يهديني سبيل الحق.
و قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: للرجل الذي سأله ممّن أنت؟فقال: من ماء، و ما حكى اللّه من قول إبراهيم عليه السلام أني سقيم، و قوله: فعله كبيرهم هذا فاسألوهم و ما روي عنه أنه قال عن امرأته هذه أختي كل ذلك تعريض. و قيل في قوله تعالى: لاََ تُؤََاخِذْنِي بِمََا نَسِيتُ من معاريض الكلام و لم يكن قد نسي ما عهد عليه [3] .
و قال عمر: في المعاريض مندوحة عن الكذب.
[1] الواشون: جمع الواشي و هو النمّام-المسامع: الآذان-حداد: حادّة و قارصة أي لاذعة.