يراها الجاهل المأفون هزلا # و حسبكها لعالمها فضيله [1]
(13) و مما جاء في الصدق و الكذب
الممدوح بالصّدق
فلان أصدق من أبي ذرّ [2] و أصدق من قطاة [3] . و قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: ما أقلّت الغبراء و لا أظلّت الخضراء أصدق لهجة من أبي ذرّ.
و قال الجاحظ: أخبرني فلان و هو و الكذب لا يجتمعان في طريق، و لا يقشعرّ من الكذب.
قال التنوخي:
و ألسنهم وقف على الصّدق و الرفا # و أيمانهم وقف على القصد و النعمى [4]
و قال جحظة البرمكيّ:
و كان صديق الورى # بالحقّ ينطق عن لسانه
و في المثل: لا يكذب الرائد أهله، لأن كذبه يجتثّ أصله.
معيب بالكذب
قال رجل لكذّاب: مرحبا بأبي المنذر، فقال: ليس هذا كنيتي. فقال: قد علمت إنما هو كنية مسيلمة [5] ، و لكنّها صفتك: يعرّض بأنه كذّاب.
و قيل لرجل: ما تقول في فلان؟فقال: أنا لا أذمّ مسيلمة. و ذم رجل آخر فقال:
الكذب أحسن ما فيه، و هذا غاية الذم. و قال رجل لأبي حنيفة [6] (رضي اللّه عنه) : ما كذبت قطّ؟فقال: أما أنا فقد شهدت عليك بهذه.
[1] المأفون: الناقص العقل.
[2] أبو ذرّ: هو أبو ذرّ الغفاري و هو صحابي كان يضرب به المثل في الورع إلى جانب فصاحة و بيان.
و هو من كبار المحدّثين كانت وفاته سنة 33 هـ (653 م) .
[3] القطاة: طائر بريّ بحجم الحمام يضرب بها المثل في الاهتداء، فيقال أهدى من القطا.
[4] النعمى: اليد البيضاء الصالحة.
[5] مسيلمة: هو مسيلمة الكذاب الذي سبّب حروب الردّة بعد موت النبيّ.
[6] أبو حنيفة: هو أبو حنيفة النعمان من كبار الفقهاء في الإسلام و صاحب المذهب المعروف باسمه «المذهب الحنفي» .