نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 14
و قد ضمّنت ذلك طرفا من الأبيات الرائقة، و الأخبار الشائقة، و أوردت فيه، ما إذا قيس بمعناه:
يكون منه مكان الروح من جسد # و البدر من فلك و النجم من قطب
فإنه ظرف [1] مليء طرفا [2] ، و وعاء حشي [3] جدا و سخفا، من شاء وجد منه ناسكا [4] يعظه و يبكيه، و من شاء صادف منه فاتكا [5] يضحكه و يلهيه:
فالجدّ و الهزل في توشيح لحمتها # و النبل و السّخف و الأشجان و الطرب
و أعوذ باللّه أن أكون ممّن مدح نفسه و زكّاها [6] ، فعابها بذلك و هجاها، و ممّن أزرى [7] بعقله، لإعجابه بفعله، فقد قيل لا يزال المرء في فسحة من عقله، ما لم يقل شعرا أو يصنف كتابا.
و أولى من يصرف همّته إلى مراعاة مثل هذا الكتاب، من تحلّى بطرف من الآداب، فيصير به طليق اللسان، ذليق البيان [8] ، فكم من أديب تتقاعد بداهة المقال [9] ، في كثير من الأحوال، فلا يجد من فهمه مساعفة [10] ، و لا من علمه مكاتفة [11] ، فيرى في العيّ مثل باقل [12] ، و إن كان في الغزارة سحبان وائل [13] .
و قد قيل: خير الفقه ما حاضرت به، و من لا يتحلّى في مجلس اللهو، إلا بمعرفة
[1] الظّرف (هنا) : الوعاء، و الظرف أيضا الكياسة، و الظّرف كل ما يستقرّ فيه مثل الحين و اليوم و هما من ظروف الزمان، و أمام و وراء و هما من ظروف المكان.
[2] الطرف: جمع طرفة و هي الملحة و الحديث المستحسن أو الجديد، أي الطريف.
[12] باقل: رجل ضرب به المثل في العيّ و العجز عن البيان. بخلاف سحبان وائل.
[13] سحبان وائل: من خطباء العرب و فصحائهم يضرب به المثل في البيان و البلاغة. خطب في مجلس معاوية ساعات فقال له معاوية: أنت أخطب العرب (انظر الهامش السابق) .
نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 14