و قال المتنبّي:
أبقى على كنف الأيام من كنفي # رضوى و أسير في الآفاق من مثل
و قال الكندي:
يقصر عن مداها الريح جريا # و تعجز عن مواقعها السّهام
تناهب حسنها حاد و شاد # فحثّ بها المطايا و المدام [1]
و قال المسيّب [2] :
ترد المياه فلا تزال غريبة # في القوم بين تمثّل و سماع
و قال النّابغة:
أوابد كالسّلام إذا استمرّت # فليس يردّ فدفدها التمنّي [3]
شعر أثّر في المقول فيه فرفعه أو وضعه
كان بنو قريع متى قيل لهم أنف الناقة استحيوا، حتى قال فيهم الحطيئة:
قوم هم الأنف و الأذناب غيرهم # و من يسوّي بأنف النّاقة الذنبا
فصاروا بعد ذلك يتبجّحون [4] به و يقولون نحن من أنف الناقة.
و نمير [5] كانوا يتبجّحون باسمهم حتى قال فيهم الشاعر:
فغضّ الطرف إنّك من نمير # فلا كعبا بلغت و لا كلابا
فكانوا بعد إذا سئلوا قالوا: من بني عامر.
و قال جرير:
و التغلبيّ إذا تنحنح للقرى # حكّ استه و تمثّل الأمثالا
فقالوا لو طعنوا بعد هذا في أستاههم ما حكّوها.
مفاضلة قصار الشعر و طواله
قيل لعقيل: لم لا تطيل الشعر؟فقال: يكفيك من القلادة ما أحاط بالعنق. و قيل لآخر ذلك، فقال: يكون أحوك، و على أفواه الرواة أعلق.
[1] الحادي: سائق الإبل-المدام: الخمر.
[2] المسيّب: هو المسيّب بن علس و اسمه زهير من شعراء بكر بن وائل، و هو خال الشاعر الأعشى.
و كان الأعشى روايته. لقّب بالمسيّب لبيت قاله. و المسيّب جاهلي لم يدرك الإسلام. (النظر الشعر و الشعراء منشورات دار الأرقم ص 106 و ما بعدها) .
[3] الفدفد: المكان الغليظ المرتفع، و الفدفد الفلاة، و في رواية: قوافي كالسلام.. ، أيضا: مذهبها التّظنّي.
[4] يتبجّحون: التبجّح هو الافتخار و التعاظم و المباهاة.
[5] نمير: أي بنو نمير.