نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 112
مفاضلة البديهة و الرويّة و مدح الطّبع
قال ابن الرومي في الحكم بينهما:
نار الرويّة نار غير منضجة # و للبديهة نار ذات تلويح
و قد يفضلها قوم لعاجلها # لكنّه عاجل يمضي مع الريح
و قال معاوية لابن العاص [1] : أنا آدب منك، فقال: أنا للبديهة و أنت للرويّة [2] ، و بينهما بون [3] .
و ممّا يؤكد تفضيل البديهة قول العبديّ في وصف البلاغة: أن تصيب فلا تخطئ و تعجل فلا تبطئ. و قيل: خير الفقه ما حاضرت به.
و قال الحطيئة:
فهذا بديه لا كتحبير قائل # إذا ما أراد القول زوّره شهرا
و اجتمع ابن مناذر و أبو العتاهية، فقال أبو العتاهية: كم بيتا تقول في اليوم؟قال:
مقدار عشرة أبيات. فقال أبو العتاهية: فأنا أقول مائتين. فقال: فإنك تقبل من شيطانك نحو: ألا يا عتبة الساعة، أموت الساعة الساعة، و لو أني أقول مثل ذلك لقلت ألوفا.
قال المتنبّي:
أبلغ ما يطلب النجاح به الطبـ # ـع و عند التعمّق الزلل
المعتذر لرفض طريقة من النسج
قيل لنصيّب [4] : إنك لا تحسن الهجاء، فقال: من ذا الذي لا يحسن مكان عافاه اللّه أخزاه اللّه، و لكنّي رأيت الناس ثلاثة رجال: رجلا لم أسأله فلا ينبغي أن أهجوه، و رجلا سألته فمنحني و هو الممدوح، و رجلا سألته فلم يعط. فنفسي أحق بالهجاء إذ سوّلت لي أن أسأله.
و قال عبد الملك للعجّاج: بلغني أنك لا تحسن أن تهجو، فقال: من يقدر على تشييد أمكنة يمكنه إخرابها، فقال: ما يمنعك من ذلك؟قال: أن لنا عزّا يمنع من أن نظلم، و حلما يمنع من أن نظلم، فعلام الهجاء؟فقال: كلامك أشعر من شعرك.
[2] الرويّة: إطالة النظر و القدرة على التأمل في طبيعة الأمور.
[3] معناه أن مجاوزة الحدّ و المبالغة سبيل إلى الزلل و الخطأ فالنجاح وليد ما يفعله الإنسان بطبعه و ليس وليد التكلّف.
[4] نصيّب: من شعراء الحجاز في العصر الإسلامي، و هو نوبى الأصل و أسود اللون، و كان مولى لكناني من أهل ودّان قرب مكة. و قد اتصل نصيب بعبد العزيز بن مردان بمصر فحرّره فحفظ يده و مدحه (انظر الأغاني 1/324، و الشعر و الشعراء و الموشح للمرزباني) .
نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 112