نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 103
ذمّ الجلبة و خوض الكلّ في الكلام
قيل: لا يميل إلى الجلبة و اللّجاج إلا من عجز عن الغلبة بالحجاج. و قال المأمون لهاشمي حضر مجلسه فناظره و شغب:
لا ترفعنّ صوتك يا عبد الصمت # إنّ الصواب في الأسدّ لا الأشدّ [1]
و قال عمر بن عبد العزيز لرجل كان يكثر الصياح و الجلبة: اخفض الصوت فلو نيل خير برفع الصوت لأدركه الحمير و الكلاب.
و كان أحمد بن الخصيب إذا ناظر شغب و جلب، و ربّما رفس من يناظره، فقال فيه بعض المحدثين، يخاطب الخليفة المنتصر:
قل للخليفة يا ابن عمّ محمّد # أشكل وزيرك إنّه ركّال [2]
قد نال من أعراضنا بلسانه # و لرجله عند الصّدور مجال
و هذا يقارب ما روي أنّه شكا إلى المأمون من بعض قضاته، أنه يعضّ الخصوم، فوقّع ليشنق.
و أنشد الأصمعيّ:
حديث بني قرط إذا ما لقيتهم # كنز و الدّبا في العرفج المتقارب
و قال مسلم بن عبّاس:
كأنّ بني رالان إذ جاء جمعهم # فراريج يلقى بينهنّ سويق
الحثّ على المخالفة و دفع الصواب بالخطإ
قالت إعرابية لابنها: إذا جلست مع القوم، فإن أحسنت أن تقول كما يقولون، و إلا فخالف تذكر و لو كان بتعليق أير حمار في عنقك. و قال أعرابي: إذا لم يكن لك في الخير اسم فارفع لك في الشر علما، و قال بعضهم: خالف تذكر، فقالوا: إنما هو تنكر، فقال:
هذا أول الخلاف.
ذمّ مخالف ألدّ في كلّ صواب
قال اللّه تعالى: وَ تُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا[3] و قال تعالى: بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ[4] و قال تعالى: فَإِذََا ذَهَبَ اَلْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدََادٍ[5] .
و قال الشاعر:
رقيع خصيم في الصّواب كأنّه # برد على أهل الصّواب موكل