responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عيون الاخبار نویسنده : الدِّينَوري، ابن قتيبة    جلد : 2  صفحه : 339
وحسن الأسى «1» عنه» .
حدّثني عبد الرحمن بن الحسين السعيديّ عن محمد بن مصعب أنّ ابن السمّاك قال يوم مات داود الطائيّ في كلام له: إن داود رحمه الله نظر بقلبه إلى ما بين يديه من آخرته، فأعشى بصر القلب بصر العين، فكان كأنه لا ينظر إلى ما إليه تنظرون، وكأنكم لا تنظرون إلى ما إليه ينظر، فأنتم منه تعجبون وهو منكم يعجب، فلما رآكم راغبين مذهولين مغرورين قد أذهلت الدنيا عقولكم وأماتت بحبّها قلوبكم استوحش منكم، فكنت إذا نظرت إليه نظرت إلى حيّ وسط أموات. يا داود، ما أعجب شأنك بين أهل زمانك! أهنت نفسك وإنما تريد إكرامها، وأتعبتها، وإنما تريد راحتها، أخشنت المطعم وإنما تريد طيبه وأخشنت الملبس وإنما تريد لينه، ثم أمتّ نفسك قبل أن تموت، وقبرتها قبل أن تقبر، وعذّبتها ولمّا تعذّب، وأغنيتها عن الدنيا لكيلا تذكر، رغبت نفسك عن الدنيا فلم ترها لك قدرا إلى الآخرة، فما أظنّك إلا وقد ظفرت بما طالبت؛ كان سيماك في سرّك ولم يكن سيماك في علانيتك، تفقّهت في دينك وتركت الناس يغنّون، وسمعت الحديث وتركتهم يحدّثون، وخرست عن القول وتركتهم ينطقون، لا تحسد الأخيار، ولا تعيب الأشرار، ولا تقبل من السلطان عطيّة، ولا من الإخوان هدّية؛ آنس ما تكون إذا كنت بالله خاليا، وأوحش ما تكون آنس ما يكون الناس؛ فمن سمع بمثلك وصبر صبرك وعزم عزمك! لا أحسبك إلا وقد أتعبت العابدين بعدك، سجنت نفسك في بيتك فلا محدّث لك ولا جليس معك ولا فراش تحتك ولا ستر على بابك ولا قلّة يبرّد فيها ماؤك ولا صحفة يكون فيها غداؤك وعشاؤك، مطهرتك قلبك
نام کتاب : عيون الاخبار نویسنده : الدِّينَوري، ابن قتيبة    جلد : 2  صفحه : 339
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست