نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 2 صفحه : 470
المعترض، و أنه لا يحسن الصناعة التي اعترض بها، و انتسب إليها. و كذلك القول في الماء البارد للمحموم، فإن المعترض تقوّل على النبي صلى اللّه عليه و سلم ما لم يقل، فإن النبي صلى اللّه عليه و سلم لم يقل أكثر من قوله [1] :
«أطفئوها بالماء» و لم يبين صفته و حاله، و الأطباء يسلمون أن الحمى الصفراوية يدبر صاحبها يسقى الماء البارد الشديد البرودة، و يسقونه الثلج و يغسلون أطرافه بالماء البارد، فلا يبعد أنه صلى اللّه عليه و سلم أراد هذا النوع من الحمى.
و أما إنكاره الشفاء من ذات الجنب بالقسط فباطل أيضا. فقد قال بعض الأطباء: إن ذات الجنب، إذا حدثت من البلغم، كان القسط من علاجها. و قد ذكر جالينوس و غيره من حذاق الأطباء، أنه ينفع من وجع الصدر. و قال بعض قدماء الأطباء: إنه يستعمل حيث يحتاج إلى إسخان عضو من الأعضاء، و حيث يحتاج إلى جذب خلط من باطن البدن إلى ظاهره. و هكذا قال الرئيس ابن سينا و غيره من فحول الأطباء، و هذا يبطل ما زعمه هذا المعترض الملحد.
و أما قوله [2] صلى اللّه عليه و سلم: «فيه سبعة أشفية» فقد أطبق الأطباء في كتبهم، على أنه يدر الطمث و البول، و ينفع من السموم، و يحرك شهوة الجماع، و يقتل الدود و حب القرع، الذي في الأمعاء، إذا شرب بعسل، و يذهب الكلف، إذا طلي عليه. و ينفع من برودة المعدة و الكبد، و من الحمى الورد و الربع و غير ذلك. و هو صنفان: بحري و هندي، فالبحري هو القسط الأبيض، و قيل هو أكثر من صنفين و نص بعضهم على أن البحري أفضل من الهندي، و أقل حرارة منه، و قيل: هما حاران يابسان في الدرجة الثالثة، و الهندي أشد حرارة منه فيها.
و قال الرئيس ابن سينا: القسط حار في الثالثة، يابس في الثانية. و قد اتفق الأطباء على هذه المنافع التي ذكرناها في القسط، و هو العود الهندي المذكور في الحديث، فصار ممدوحا شرعا و طبا.
و إنما عددنا منافع القسط من كتب الأطباء، لأنه صلى اللّه عليه و سلم ذكر منها عددا مجملا.
و أما قوله [3] صلى اللّه عليه و سلم «في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام» فيحمل أيضا على العلل الباردة على نحو ما سبق في القسط، و هو صلى اللّه عليه و سلم قد يصف بحسب ما شاهده من غالب حال أصحابه، قال الإمام المازري، و قال شيخ الإسلام محيي الدين النووي، و ذكر القاضي عياض كلام المازري الذي قدمناه، ثم قال: و ذكر الأطباء في منفعة الحبة السوداء، التي هي الشونيز، أشياء كثيرة، و خواص عجيبة، يصدقها قوله صلى اللّه عليه و سلم. فذكر جالينوس أنها تحلل النفخ، و تقتل ديدان البطن، إذا أكلت أو وضعت على البطن، و تنفع الزكام إذا قليت و صرت في خرقة و شمت، و تزيل العلة التي ينقش منها الجلد، و تقطع الثآليل المعلقة و المنكسة و الخيلان، و تدر الطمث المنحبس، إذا كان احتباسه من أخلاط غليظة لزجة، و تنفع الصداع إذا طلي بها الجبين، و تقطع البثور و الجرب، و تدر البول و اللبن، و تحلل الأورام البلغمية، إذا تضمد بها مع خل. و تنفع من الماء العارض في العين إذا سقط بها مسحوقة بدهن، و هي تنفع من انصباب المواد أيضا، و يتمضمض