responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 2  صفحه : 464

البيوت التي تأوي فيها الملوك، ثم بيوت الذكور التي لا تعمل شيئا. و الذكور أصغر جرما من الإناث و هي تكثر المادة داخل الخلية، و إن طارت فهي تخرج بأجمعها و ترتفع في الهواء ثم تعود إلى الخلية. و النحل تعمل الشمع أولا، ثم تلقي البزر لأنه لها بمنزلة العش للطير، فإذا ألقته قعدت عليه و حضنته، كما يحضن الطير، فيكون من ذلك البزر دود أبيض، ثم ينهض الدود و تغذي نفسها ثم تطير، و هي لا تقعد على أزهار مختلفة بل على زهر واحد، و تملأ بعض البيوت عسلا و بعضها فراخا، و من عادتها أنها إذا رأت فسادا من ملك، إما أن تعزله و إما أن تعزله و إما أن تقتله، و أكثر ما تقتل خارج الخلية. و الملوك لا تخرج إلا مع جميع النحل، فإذا عجز الملك عن الطيران، حملته.

و سيأتي إن شاء اللّه تعالى بيان ذلك، في آخر الكتاب، في لفظ اليعسوب.

و من خصائص الملك أنه ليس له حمة يلسع بها، و أفضل ملوكها الشقر، و أسوؤها الرقط بسواد. و النحل تجتمع فتقسم الأعمال فبعضها يعمل العسل، و بعضها يعمل الشمع، و بعضها يسقي الماء، و بعضها يبني البيوت، و بيوتها من أعجب الأشياء لأنها مبنية على الشكل المسدس الذي لا ينحرف، كأنه استنبط بقياس هندسي. ثم هو في دائرة مسدسة، لا يوجد فيها اختلاف، فبذلك اتصلت حتى صارت كالقطعة الواحدة، و ذلك لأن الأشكال من الثلاث إلى العشر، إذا جمع كل واحد منها إلى أمثاله لم يتصل، و جاءت بينها فروج، إلا الشكل المسدس، فإنه إذا جمع إلى أمثاله اتصل، كأنه قطعة واحدة و كل هذا بغير مقياس منها و لا آلة و لا بركار، بل ذلك من أثر صنع اللطيف الخبير و إلهامه إياها، كما قال: وَ أَوْحى‌ََ رَبُّكَ إِلَى اَلنَّحْلِ أَنِ اِتَّخِذِي مِنَ اَلْجِبََالِ بُيُوتاً وَ مِنَ اَلشَّجَرِ وَ مِمََّا يَعْرِشُونَ الآية [1] .

فتأمل كمال طاعتها و حسن امتثالها لأمر ربها، كيف اتخذت بيوتا في هذه الأمكنة الثلاثة الجبال و الشجر و بيوت الناس حيث يعرشون؛ أي حيث يبنون العروش، فلا ترى للنحل بيتا في غير هذه الأمكنة الثلاثة البتة. و تأمل كيف كانت أكثر بيوتها في الجبال، و هي المتقدمة في الآية ثم الأشجار و هي دون ذلك، ثم فيما يعرش الناس و هي أقل بيوتها. فانظر كيف أداها حسن الامتثال إلى أن اتخذت البيوت قبل المرعى. فهي تتخذها أولا، فإذا استقر لها بيت خرجت منه فرعت و أكلت من الثمرات، ثم أوت إلى بيوتها، لأن ربها سبحانه و تعالى أمرها باتخاذ البيوت أولا، ثم الأكل بعد ذلك، و قال في الإحياء: انظر إلى النحل كيف أوحى اللّه إليها، حتى اتخذت من الجبال بيوتا، و كيف استخرج من لعابها الشمع و العسل، و جعل أحدهما ضياء و الآخر شفاء.

ثم لو تأملت عجائب أمرها في تناولها الأزهار و الأنوار، و احترازها من النجاسات و الأقذار، و طاعتها لواحد من جملتها، و هو أكبرها شخصا و هو أميرها، ثم ما سخر اللّه لأميرها من العدل و الانصاف بينها، حتى إنه ليقتل منها على باب المنفذ، كل ما وقع منها على نجاسة، لقضيت من ذلك العجب، إن كنت بصيرا في نفسك، و فارغا من هم بطنك و فرجك، و شهوات نفسك، في معاداة أقرانك، و موالاة إخوانك.

ثم دع عنك جميع ذلك، و انظر إلى بنيانها بيتا من الشمع، و اختيارها من جميع الأشكال،


[1] سورة النحل: آية 68.

نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 2  صفحه : 464
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست