نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 2 صفحه : 463
و عن سفينة مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: أهدت امرأة لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم طيرين بين رغيفين، فقدمتهما إليه، فقال صلى اللّه عليه و سلم: «اللهم ائتني بأحب خلقك إليك و إلى رسولك» . ثم ذكر معنى الحديث. قال الحاكم: و قد رواه عن أنس جماعة أكثر من ثلاثين نفسا. ثم صحت الرواية عن علي و أبي سعيد و سفينة و هو من الأحاديث المستدركة على المستدرك. قال الذهبي في تلخيصه: لقد كنت زمنا طويلا أظن أن حديث الطير لم يجسر الحاكم أن يودعه في مستدركه فلما علقت هذا الكتاب، رأيت الهول من الموضوعات التي فيه و اللّه أعلم.
النحل:
ذباب العسل، و قد تقدم في باب الذال المعجمة، في لفظ الذباب، أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال في تفسير سورة النساء: «الذباب كله في النار إلا النحل» [1] . و واحدة النحل نحلة كنخل و نخلة. و قرأ يحيى بن وثاب: وَ أَوْحىََ رَبُّكَ إِلَى اَلنَّحْلِ[2] بفتح الحاء. و الجمهور بالإسكان.
قال الزجاج: سميت نحلا لأن اللّه تعالى نحل الناس العسل، الذي يخرج منها، إذ النحلة العطية و كفاها شرفا قول اللّه تعالى: وَ أَوْحىََ رَبُّكَ إِلَى اَلنَّحْلِ[3] فأوحى سبحانه إليها و أثنى عليها فعلمت مساقط الأنواء من وراء البيداء، فتقع هناك على كل حرارة عبقة، و زهرة أنقة، ثم تصدر عنها بما تحفظه رضابا و تلقطه شرابا.
قال القزويني، في عجائب المخلوقات: يقال ليوم عيد الفطر يوم الرحمة، إذ فيه أوحى اللّه إلى النحل صنعة العسل، فبين سبحانه أن في النحل أعظم اعتبار، و هو حيوان فهيم ذو كيس و شجاعة، و نظر في العواقب، و معرفة بفصول السنة. و أوقات المطر، و تدبير المرتع و المطعم، و الطاعة لكبيره، و الاستكانة لأميره و قائده، و بديع الصنعة و عجيب الفطرة.
قال أرسطو: النحل تسعة أصناف: منها ستة يأوي بعضها إلى بعض. قال: و غذاؤها من الفضول الحلوة و الرطوبات التي يرشح بها الزهرة و الورق، و يجمع ذلك كله و يدخره، و هو العسل و أوعيته، و يجمع مع ذلك رطوبات دسمة، يتخذ منها بيوت العسل، و هذه الدسومات هي الشمع، و هو يلقطها بخرطومه و يحملها على فخذيه، و ينقلها من فخذيه إلى صلبه، هكذا قال.
و القرآن يدل على أنها ترعى الزهر، فيستحيل في جوفها عسلا و تلقيه من أفواهها، فيجتمع منه القناطير المقنطرة قال اللّه تعالى: ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ اَلثَّمَرََاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهََا شَرََابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوََانُهُ فِيهِ شِفََاءٌ لِلنََّاسِ[4] و قوله: مِنْ كُلِّ اَلثَّمَرََاتِ[5] المراد به بعضها، نظيره قوله تعالى: وَ أُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ[6] يريد البعض و اختلاف الألوان في العسل بحسب اختلاف النحل و المرعى، و قد يختلف طعمه لاختلاف المرعى. و من هذا المعنى قول زينب رضي اللّه تعالى عنها للنبي صلى اللّه عليه و سلم: جرست نحلة العرفط، حين شبهت رائحته برائحة المغافير و الحديث مشهور في الصحيحين و غيرهما.
و من شأنه في تدبير معاشه أنه إذا أصاب موضعا نقيا بنى فيه بيوتا من الشمع أولا، ثم بنى