فقال: يا فلان ناقتي الفلانية و ألف دينار، فدفعهما إليه و هو لا يعرفه. و محاسن معن كثيرة، و تولى الولايات العظيمة، و تولى في آخر عمره سجستان، فبينما هو ذات يوم في داره و الصناع يعملون بين يديه، اندس بينهم قوم من الخوارج فقتلوه و هو يحتجم و هربوا، فتبعهم ابن أخيه يزيد بن مزيد بن زائدة فقتلهم عن آخرهم. و كان قتله في سنة إحدى أو اثنتين أو ثمان و خمسين و مائة رحمه اللّه. و رثاه الشعراء بمراث كثيرة، فمن المراثي النادرة أبيات الحسن [2] بن مطر الأزدي، و هي في الحماسة منها:
ألما على معن و قولا لقبره # سقتك الغوادي مربعا ثم مربعا [3]
فيا قبر معن كيف واريت جوده # و قد كان منه البرّ و البحر مترعا
و يا قبر معن أنت أول حفرة # من الأرض خطّت للمكارم مضجعا
بلى و قد وسعت الجود و الجود ميت # و لو كان حيا ضقت حتى تصدّعا
فتى عيش في معروفه بعد موته # كما كان بعد السيل مجراه مربعا
و لما مضى معن مضى الجود و انقضى # و أصبح عرنين المكارم أجدعا
و حكمها
: كالإبل.
الأمثال
: قالوا: «لا ناقتي [4] فيها و لا جملي» و أصل المثل للحارث بن عبادة. و قيل: أول من قاله صدوف بنت حليس العذرية، و خبرها مشهور في الأمثال. و مما أنشد في ذلك قول [5]
الراعي:
و ما هجرتك حتى قلت معلنة # لا ناقة لي في هذا و لا جمل
فيم الإقامة بالزوراء لا سكني # بها و لا ناقتي فيها و لا جملي
يضرب عند التبري من الظلم أو الإساءة و أطال فيه أصحاب الأمثال، و قالوا: «استنوق الجمل» [7] أي صار ناقة، يضرب للرجل يكون في حديث أو صفة شيء ثم يخلطه بغيره. و ينتقل