إنّ العيون التي في طرفها حور # قتلننا ثم لم تحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به # و هنّ أضعف خلق اللّه إنسانا
فائدة
: روى الطبراني في الدعوات، من حديث ابن مسعود رضي اللّه تعالى عنه أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «لا تسبوا الدنيا فنعمت مطية المؤمن، عليها يبلغ الجنة و بها ينجو من النار» . و قال علي رضي اللّه تعالى عنه: لا تسبوا الدنيا ففيها تصلون، و فيها تصومون، و فيها تعملون، فإن قيل: كيف يجمع بين هذا، و بين قوله [4] صلى اللّه عليه و سلم: «الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر اللّه و ما والاه و عالما أو متعلما» . فالجواب ما قاله شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام، في آخر الفتاوى الموصلية: إن الدنيا التي لعنت هي المحرمة التي أخذت بغير حقها أو صرفت إلى غير مستحقها.
و قد تقدم في باب الباء الموحدة في ذكر البعوض، ما قاله الشيخ أبو العباس القرطبي في ذلك و هو حسن فراجعه.
و في الحديث [5] : «بئس مطية الرجل زعموا» شبه ما يقدمه المتكلم أمام كلامه، و يتوصل به إلى غرضه من قوله: زعموا كذا و كذا بالمطية التي يتوصل بها إلى الحاجة، و إنما يقال زعموا في حديث لا سند له و لا ثبت فيه. و إنما يحكى على الألسن على سبيل البلاغ، فذم من الحديث ما هذا سبيله.
و في الكشاف و غيره أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «زعموا مطية الكذب» . و قال ابن عمر و شريح: لكل شيء كنية، و كنية الكذب زعموا. قال ابن عطية: و لا يوجد زعم مستعملة في فصيح الكلام، إلا عبارة عن الكذب، أو قول انفرد به قائله، و تبقى عهدته على الزاعم، ففي ذلك ما ينحو إلى تضعيف الزعم، و قول سيبويه زعم الخليل كذا إنما يجيء فيما تفرد الخليل به.
تتمة
: قال شيخ الإسلام النووي: روينا بالإسناد الصحيح، في جامع الترمذي و غيره، عن
[1] العقد الفريد: 6/350. و أبو محجن شاعر مخضرم ادرك الإسلام و شهد القادسية.