responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 2  صفحه : 378

و كلاب إما منقول من المصدر، الذي هو في معنى المكالبة، نحو كالبت العدو مكالبة و كلابا، و إما جمع كلب، و سموه بذلك طلبا للكثرة كما سموا سباع، و أنمار.

قيل لأبي الدقيش الأعرابي: لم تسمون أبناءكم بشر الأسماء نحو كلب و ذئب؟و عبيدكم بأحسنها نحو مرزوق و رباح؟فقال: إنما نسمي أبناءنا لأعدائنا و عبيدنا لأنفسنا. و كأنهم قصدوا بذلك التفاؤل بمكالبة العدد و قهره، و الكلبة أنثى الكلاب، و جمعها كلبات و لا تكسر.

و الكلب حيوان شديد الرياضة كثير الوفاء، و هو لا سبع و لا بهيمة، حتى كأنه من الخلق المركب لأنه لو تم له طباع السبعية ما ألف الناس، و لو تم له طباع البهيمية ما أكل لحم الحيوان، لكن في الحديث إطلاق البهيمة عليه. روى مسلم أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «بينما امرأة تمشي بفلاة من الأرض، اشتد عليها العطش، فنزلت بئرا فشربت ثم صعدت، فوجدت كلبا يأكل الثرى من العطش، فقالت: لقد بلغ بهذا الكلب مثل الذي بلغ بي، ثم نزلت البئر فملأت خفها و أمسكته بفيها، ثم صعدت فسقته، فشكر اللّه لها ذلك، و غفر لها» . قالوا: يا رسول اللّه أ و لنا في البهائم أجر؟قال: «نعم في كل كبد رطبة أجر» [1] .

و هو نوعان: أهلي و سلوقي نسبة إلى سلوق، و هي مدينة باليمن تنسب إليها الكلاب السلوقية، و كلا النوعين في الطبع سواء، و في طبعه الاحتلام، و تحيض إناثه و تحمل الأنثى ستين يوما، و منها ما يقل عن ذلك و تضع جراها عميا، فلا تفتح عيونها إلا بعد اثني عشر يوما، و الذكور تهيج قبل الإناث و هي تنزو إذا كمل لها سنة، و ربما تسفد قبل ذلك، و إذا سفد الكلبة كلاب مختلفة الألوان أدت إلى كل كلب شبهه. و في الكلب من اقتفاء الأثر، و شم الرائحة ما ليس لغيره من الحيوانات، و الجيفة أحب إليه من اللحم الغريض. و يأكل العذرة و يرجع في قيئه، و بينه و بين الضبع عداوة شديدة و ذلك أنه إذا كان في مكان عال أو موضع مرتفع، و وطئت الضبع ظله في القمر رمى بنفسه عليها مخذولا، فتأخذه فتأكله، و إذا دهن كلب بشحمها جن و اختلط، و إذا حمل الإنسان لسان ضبع لم تنبح عليه الكلاب، و من طبعه أن يحرس ربه و يحمي حرمه شاهدا و غائبا، ذاكرا و غافلا، نائما و يقظان، و هو أيقظ الحيوان عينا في وقت حاجته إلى النوم، و إنما غالب نومه نهارا عند الاستغناء عن الحراسة، و هو في نومه، أسمع من فرس، و أحذر من عقعق، و إذا نام كسر أجفان عينيه و لا يطبقها، و ذلك لخفة نومه، و سبب خفته أن دماغه بارد بالنسبة إلى دماغ الإنسان، و من عجيب طباعه أنه يكرم الجلة من الناس و أهل الوجاهة، و لا ينبح أحدا منهم، و ربما حاد عن طريقه و ينبح الأسود من الناس و الدنس الثياب و الضعيف الحال.

و من طباعه البصبصة و الترضي و التودد و التألف، بحيث إذا دعي بعد الضرب و الطرد رجع، و إذا لاعبه ربه عضه العض الذي لا يؤلم، و أضراسه لو أنشبها في الحجر لنشبت، و يقبل التأديب و التلقين و التعليم، حتى لو وضعت على رأسه مسرجة و طرح له مأكول لم يلتفت إليه ما دام على تلك الحالة، فإذا أخذت المسرجة عن رأسه وثب إلى مأكوله، و تعرض له أمراض سوداوية في زمن مخصوص، و يعرض له الكلب بفتح اللام و هو داء يشبه الجنون، و علامة ذلك أن تحمر عيناه


[1] رواه البخاري: مساقاة 9، مظالم 23، أدب 27. و مسلم: سلام 153.

نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 2  صفحه : 378
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست