نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 2 صفحه : 352
رضي اللّه تعالى عنه، فجاء رجل فقال لمالك: إني رجل أبيع القماري، و إني بعت في يومي هذا قمريا فرده علي المشتري، و قال: قمريك لا يصيح، فحلفت له بالطلاق أنه لا يهدأ من الصياح، فقال له الإمام مالك: طلقت زوجتك و لا سبيل لك عليها!و كان الإمام الشافعي يومئذ ابن أربع عشرة سنة، فقال لذلك الرجل: أيما أكثر: صياح قمريك أم سكوته؟فقال: لا بل صياحه، فقال: لا طلاق عليك. فعلم بذلك الإمام مالك، فقال: يا غلام من أين لك هذا؟فقال: لأنك حدثتني عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أم سلمة أن فاطمة بنت قيس قالت: يا رسول اللّه إن أبا جهم و معاوية خطباني، فقال [1] صلى اللّه عليه و سلم: «أما معاوية فصعلوك لا مال له و أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه» . و قد علم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أن أبا جهم كان يأكل و ينام و يستريح، و قد قال صلى اللّه عليه و سلم: «لا يضع عصاه» على المجاز، و العرب تجعل أغلب الفعلين كمداومته، و لما كان صياح قمري هذا أكثر من سكوته، جعلته كصياحه دائما. فتعجب الإمام رضي اللّه تعالى عنه من احتجاجه، و قال له: أفت فقد آن لك أن تفتي فأفتى من ذلك السن.
غريبة
: ذكر ابن خلكان و ابن الأثير، في تاريخهما، أن بعض الملوك بقلاع الهند، أهدى للسلطان محمود بن سبكتكين [2] هدايا كثيرة من جملتها طائر على هيئة القمري، من خاصيته أنه إذا حضر الطعام و فيه سم دمعت عيناه و جرى منهما ماء و تحجر، فإذا حك و وضع على الجراحات الواسعة يختمها. ذكر ذلك ابن الأثير في حوادث سنة أربع و عشرين و أربعمائة، و ذكره ابن خلكان، في ترجمة السلطان المذكور. ثم ذكر ابن خلكان في ترجمته، عن إمام الحرمين عبد الملك بن الشيخ أبي محمد عبد اللّه الجويني [3] ، أن السلطان المذكور كان حنفي المذهب، و كان مولعا بعلم الحديث، و كان يسمع عنده الحديث، و كان يسأل عن معناه، فيجد أكثره موافقا لمذهب الإمام الشافعي رحمه اللّه تعالى، فجمع فقهاء المذهبين، و التمس منهما الكلام في ترجيح أحد المذهبين، فوقع الاتفاق على أن يصلى بين يديه ركعتين على مذهب الإمام الشافعي، ثم على مذهب الإمام أبي حنيفة ركعتان، فينظر السلطان إلى ذلك، و يختار الأحسن.
فصلى القفال المروزي [4] بطهارة سابغة، و شرائط معتبرة من الطهارة، و السترة، و استقبال القبلة، و أتى بالأركان و الهيئات، و السنن و الأبعاض و الآداب، على وجه الكمال، و كانت صلاة لا يجوز الشافعي دونها.
ثم صلى ركعتين على ما يجوز أبو حنيفة رضي اللّه تعالى عنه، فلبس جلد كلب كان مدبوغا، و لطخ بعضه بالنجاسة، و توضأ بنبيذ التمر، و كان ذلك في صميم الصيف، فاجتمع عليه الذباب و البعوض و كان وضوؤه منكسا منعكسا، ثم استقبل القبلة، و أحرم بالصلاة من غير نية في