نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 2 صفحه : 280
يخشى على عقل شاربه، و لبن ابن آدم زيادة في المال، إذ هو زاد في الثدي، و لا يحمد لمن رضعه فإنه يدل على داء مكروه. قال محمد بن سيرين: لا أحب الراضع و لا المرضع، فإن شربه المريض، شفي من مرضه، لأن به كان نشؤه و قوته و من بدد اللبن فقد ضيع دينه، و من رأى اللبن يخرج من الأرض، فإنها فتنة يراق فيها الدم على قدر ذلك اللبن، و لبن الكلاب و الذئاب و السنانير خوف أو مرض. و قيل: إن لبن الذئب مال من سلطان، و رئاسة على قوم. و لبن الهوام، من شربه فإنه يصالح أعداءه، و اللّه تعالى أعلم.
الفدس:
بالضم العنكبوت، و الجمع فدسة كفردة.
الفرأ:
الحمار الوحشي، و الجمع الفراء، مثل جبل و جبال، و في المثل [1] «كل الصيد في جوف الفرا» . قاله النبي صلى اللّه عليه و سلم لأبي سفيان بن الحارث. و قيل: لأبي سفيان بن حرب، كذا قاله أبو عمر بن عبد البر، و قال السهيلي: الصحيح أنه صلى اللّه عليه و سلم قاله لابن حرب يتألف به، و ذلك أنه استأذن على النبي صلى اللّه عليه و سلم، فحجب قليلا ثم أذن له، فلما دخل قال: ما كدت تأذن لحجارة الجلهمتين، و هما جانبا الوادي، فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم: «يا أبا سفيان أنت كما قيل: «كل الصيد في جوف الفرا» ، قال له النبي صلى اللّه عليه و سلم ذلك يتألفه عن الإسلام، يعني إذا حجبتك منع كل محجوب، و قال في كلامه على فتح مكة، الأصح أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قاله لأبي سفيان بن الحارث، و كان رضيع النبي صلى اللّه عليه و سلم أرضعتهما حليمة، و كان آلف الناس له قبل النبوة لا يفارقه، فلما بعث صلى اللّه عليه و سلم كان أبعد الناس و أهجاهم له، إلى أن أسلم، فكان أصح الناس إيمانا، و ألزمهم لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و أصل هذا المثل أن جماعة ذهبوا إلى الصيد، فصاد أحدهم ظبيا، و الآخر أرنبا، و الآخر حمار وحش، فاستبشر صاحب الأرنب و صاحب الظبي بما نالا، و تطاولا على الثالث فقال الثالث: «كل الصيد في جوف الفرا» ، أي الذي رزقت و ظفرت به مشتمل على ما عندكما، و ذلك أنه ليس فيما يصيده الناس أعظم من حمار الوحش. ثم اشتهر ذلك المثل و استعمل في كل حاو لغيره و جامع له قال الشاعر:
يقولون كافات الشتاء كثيرة # و ما هي إلا واحد غير ممتري
إذا صحّ كاف الكيس فالكل حاصل # لديك و كل الصيد في جوف الفرا
الفراش:
دواب مثل البعوض، واحدتها فراشة، و هي التي تطير و تتهافت في السراج لضعف أبصارها، فهي بسبب ذلك تطلب ضوء النهار، فإذا رأت فتيلة السراج بالليل ظنت أنها في بيت مظلم، و أن السراج كوة في البيت المظلم إلى الموضع المضيء، فلا تزال تطلب الضوء و ترمي بنفسها إلى النار، فإذا جاوزتها و رأت الظلام ظنت أنها لم تصب الكوة، و لم تقصدها على السداد، فتعود إليها مرة بعد مرة، حتى تحترق.
قال الإمام حجة الإسلام الغزالي: و لعلك تظن أن هذا لنقصان فهمها و جهلها، ثم قال:
فاعلم أن جهل الإنسان أعظم من جهلها، بل صورة الإنسان في الاكباب على الشهوات، و التهافت فيها، أعظم جهالة منها، لأنه لا يزال يرمي بنفسه فيها إلى أن ينغمس فيها و يهلك هلاكا