نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 2 صفحه : 277
«يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل» [1] . و في السنن: «يضرب أحدكم امرأته ضرب الفحل» [2] .
و روى الشافعي رحمه اللّه تعالى في مسنده بإسناد على شرط مسلم عن عبد اللّه بن الزبير رضي اللّه تعالى عنهما أنه قال: إن لبن الفحل لا يحرم، و معناه أن حرمة الرضاع لا تثبت بين المرتضع و بين زوج المرضعة الذي اللبن منه، و إنما تنتشر الحرمة إلى أقارب المرضعة لا غير.
و روي هذا عن ابن عمر و ابن الزبير رضي اللّه تعالى عنهم، و به قال داود الأصم، و هو اختيار عبد الرحمن ابن بنت الشافعي.
و الذي ذهب إليه الفقهاء السبعة و الأئمة الأربعة و غيرهم من علماء الأمة، أن حرمة الرضاع تثبت بين المرتضع و بين المرضعة، و بين زوجها الذي منه اللبن فتكون المرضعة أما له و زوجها أبا له كما إذا ولدته من مائة، و كانا أبوين له، لحديث عائشة رضي اللّه تعالى عنها المتفق على صحته في قصة فلح بن أبي القعيس، و حديثها أيضا المتفق عليه أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» [3] . و إنما تثبت حرمة الرضاع بشرطين: أحدهما أن يكون قبل استكمال المولود حولين، لقوله [4] تعالى: وَ اَلْوََالِدََاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاََدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كََامِلَيْنِ و لقوله صلى اللّه عليه و سلم: «لا يحرم من الرضاع إلا ما يفتق الأمعاء» . و في رواية [5] «لا رضاع إلا ما أنشر العظم و أنبت اللحم» . و إنما يكون هذا في حال الصغر. و عند أبي حنيفة مدة الرضاع ثلاثون شهرا لقوله تعالى: وَ حَمْلُهُ وَ فِصََالُهُ ثَلاََثُونَ شَهْراً[6] . و الشرط الثاني أن يكون خمس رضعات متفرقات، كل رضعة إلى الشبع. روي ذلك عن عائشة و عبد اللّه بن الزبير رضي اللّه عنهم، و به قال مالك و الشافعي و ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن قليل الرضاع و كثيره محرم، و هو قول ابن عباس و ابن عمر رضي اللّه عنهم. و روي عن سعيد بن المسيب، و إليه ذهب الثوري و مالك في إحدى الروايات، و الأوزاعي و عبد اللّه بن المبارك و أبو حنيفة، فإن كان للرجل خمس بنات أو زوجات أو أمهات أولاد، فأرضعت كل واحدة رضعة واحدا جنينا واحدا، ففيه ثلاثة أوجه: أحدها لا يقع التحريم، و الثاني يصير ابنا له و لا يصير ابنا للمرضعات، و الثالث يصير ابنا له و للمرضعات، فإن وصل اللبن إلى جوفه بحقنة، ففيه قولان: و إن اختلط اللبن بمائع و وصل إلى جوفه ثبتت الحرمة، و إن كان مغلوبا على أصح القولين. و للمسألة فروع مبسوطة في كتب الفقه.
قلت: و قد أذكرني اللبن حديثا رواه الإمام أحمد عن ابن عمر رضي اللّه تعالى عنهما أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال [7] : «لا أخاف على أمتي إلا اللبن فإن الشيطان بين الرغوة و الضرع» . و روى أيضا من حديث عقبة بن عامر رضي اللّه تعالى عنه، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «سيهلك من أمتي أهل اللبن» . قيل: من هم يا رسول اللّه؟قال [8] : «أناس يحبون اللبن فيخرجون من الجماعات