نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 2 صفحه : 245
نوح» [1] . و ذلك أن نوحا عليه الصلاة و السلام أرسله لينظر هل غرقت البلاد و يأتيه بالخبر، فوجد جيفة طافية على وجه الماء فاشتغل بها، و لم يأته بالخبر، فدعا عليه فعقلت رجلاه، و خاف من الناس. و قالوا [2] : «كأنهم كانوا غرابا واقعا» ، يضرب فيما ينقضي سريعا، فإن الغراب، إذا وقع لا يلبث أن يطير. و قالوا: «كالغراب و الذئب» يضرب للرجلين بينهما موافقة فلا يختلفان، لأن الذئب إذا أغار على غنم تبعه الغراب ليأكل ما فضل منه. و قالوا: «الغراب أعرف بالتمر» [3] .
و ذلك أن الغراب لا يأخذ إلا الأجود منه، و لذلك يقال: «وجد تمرة الغراب» [4] ، إذا وجد شيئا نفيسا.
و قالوا: «أشأم من غراب البين» [5] ، و إنما لزمه هذا الاسم لأنه إذا بان أهل الدار للنجعة، وقع في موضع بيوتهم يلتمس و يتقمقم فيتشاءموا به، و يتطيروا منه، إذ كان لا يعتري منازلهم إلا إذا بانوا، فلذلك سموه غراب البين. و قال فيه شاعرهم:
و صاح غراب فوق أعواد بانة # بأخبار أحبابي فهيمني الفكر
فقلت: غراب باغتراب و بانة # ببين النوى تلك العيافة و الزجر
و هبّت جنوب باجتنابي منهم # و هاجت صبا قلت: الصبابة و الهجر
و قالوا: «أحذر من غراب» [6] . حكى المسعودي، عن بعض حكماء الفرس، أنه قال: أخذت من كل شيء أحسن ما فيه، حتى انتهى بي ذلك إلى الكلب و الهرة و الخنزير و الغراب، قيل له: فما أخذت من الكلب؟قال: ألفه لأهله، و ذبه عن صاحبه. قيل: فما أخذت من الهرة؟قال: حسن تأنيها، و تملقها عند المسألة. قيل: فما أخذت من الخنزير؟قال: بكوره في حوائجه. قيل: فما أخذت من الغراب؟قال: شدة حذره. و قالوا: «أغرب من غراب» [7] ، و «أشبه بالغراب من الغراب» [8] .
غريبة
: رأيت في كتاب الدعوات، للإمام أبي القاسم الطبراني، و في تاريخ ابن النجار، في ترجمة أبي يعقوب يوسف بن الفضل الصيدلاني، و في الإحياء، في كتاب آداب السفر، عن زيد بن أسلم عن أبيه، قال: بينما عمر رضي اللّه تعالى عنه جالس يعرض الناس، إذ هو برجل معه ابنه فقال له: ويحك ما رأيت غرابا أشبه بغراب من هذا بك قط!قال: يا أمير المؤمنين، هذا ما ولدته أمه إلا و هي ميتة!فاستوى عمر جالسا و قال له: حدثني حديثه، قال: يا أمير المؤمنين خرجت لسفر، و أمه حامل به، فقالت: تخرج و تتركني على هذا الحال حاملا مثقلة؟فقلت:
استودع اللّه ما في بطنك. ثم خرجت فغبت أعواما ثم قدمت فإذا بابي مغلق. فقلت: ما فعلت فلانة، قالوا: ماتت. فقلت: إنا للّه و إنا إليه راجعون، ثم انطلقت إلى قبرها، فبكيت عندها، ثم رجعت فجلست إلى بني عمي، فبينما أنا كذلك، إذ ارتفعت لي نار من بين القبور، فقلت لبني عمي: ما هذه النار؟فقالوا: ترى على قبر فلانة كل ليلة!فقلت: إنا للّه و إنا إليه راجعون، أما