نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 2 صفحه : 239
و له ملغزا في قفل و قد أجاد:
و أسود عار أنحل البرد جسمه # و ما زال من أوصافه الحرص و المنع [1]
و أعجب شيء كونه الدهر حارسا # و ليس له عين و ليس له سمع
و له شعر جيد، و شعره عند أهل الصناعة يسمى السهل الممتنع. و كان متمكنا من الملك الصالح و لا يتوسط إلا بالخير، و كانت وفاته سنة ست و خمسين و ستمائة رحمه اللّه تعالى.
و يقال: إذا صاح الغراب مرتين، فهو شر، و إذا صاح ثلاث مرات فهو خير على قدر عدد الحروف. و لما كان صافي العين حاد البصر سموه أعور. و قال الجاحظ: إنهم إنما سموه بالأعور تطيرا منه و تشاؤما به و ليس به عور. و قيل: إنما سموه أعور تفاؤلا بالسلامة منه، كما سموا البرية بالمفازة، و اليد الشمال باليسار.
و التطير أصله من الطير إذا مر بارحا أو سانحا أو قعيدا أو ناطحا، فالبارح ما أتى من ناحية الميامن و السانح، بالنون و الحاء المهملة ما أتى من ناحية المياسر، و الناطح ما تلقاك و القعيد ما استدبرك. و إنما كان الغراب هو المقدم عندهم في باب الشؤم، لأنه لما كان أسود و لونه مختلفا إن كان أبقع، و لم يكن على إبلهم شيء أشد من الغراب. و كان حديد البصر يخاف من عينيه كما يخاف من عين المعيان قدموه في باب الشؤم انتهى. و قيل: إنما سموه أعور لتغميض إحدى عينيه أبدا، من قوة بصره. قاله ابن الأعرابي، و سيأتي في الأمثال شيء من هذا.
فائدة
: قال صاحب العشرات: اسم الغراب من الأسماء المشتركة، يقع على الثلج و على الضفيرة من الشعر و على المعول و على رأس الورك و على الغراب نفسه. قال: أنشدني أبو عبد اللّه المهلبي، يعني نفطويه كنى عنه لأنه كان في زمانه، عن ثعلب عن ابن الأعرابي:
يا عجبا للعجب العجاب # خمسة غربان على غراب
و قال ارسطاطاليس في النعوت: غراب البين جسمه أسود و منقاره و رجلاه صفر، و مأكله من جميع النبات و اللحوم. و في الحديث أن النبي صلى اللّه عليه و سلم «نهى عن نقرة الغراب» [2] . يريد بذلك تخفيف السجود، و أنه لا يمكث فيه، إلا قدر وضع الغراب منقاره فيما يريد أكله. و روى البخاري في الأدب، و الحاكم في المستدرك و البيهقي في الشعب، و ابن عبد البر و غيرهم عن عبد اللّه بن الحارث الأموي، عن أمه ريطة بنت مسلم، عن أبيها، أنه قال: شهدت مع النبي صلى اللّه عليه و سلم حنينا، فقال: «ما اسمك» ؟قلت: اسمي غراب. فقال صلى اللّه عليه و سلم: «بل أنت مسلم» [3] . و إنما غير النبي صلى اللّه عليه و سلم اسمه لأنه حيوان خبيث الفعل، خبيث المطعم، و لذلك أمر صلى اللّه عليه و سلم بقتله في الحل و الحرم.
و في سنن أبي داود أن النبي صلى اللّه عليه و سلم أتاه رجل فقال: «ما أسمك» ؟قال: أصرم. قال: «بل أنت زرعة» . و إنما غيره لما فيه من معنى الصرم و هو القطع. قال أبو داود: و غير النبي صلى اللّه عليه و سلم اسم