responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 2  صفحه : 238

و إنما قيل: لكل غراب غراب البين، لأنه يسقط في منازلهم إذا ساروا منها و بانوا عنها، فلما كان هذا الغراب لا يوجد إلا عند بينونتهم عن منازلهم، اشتقوا له هذا الاسم من البينونة.

و قال المقدسي، في كشف الأسرار، في حكم الطيور و الأزهار، في صفة غراب البين: هو غراب أسود ينوح نوح الحزين المصاب، و ينعق بين الخلان و الأحباب، إذا رأى شملا مجتمعا أنذر بشتاته، و إن شاهد ربعا عامرا بشر بخرابه، و دروس عرصاته، يعرف النازل و الساكن بخراب الدور و المساكن، و يحذر الآكل غصة المآكل، و يبشر الراحل بقرب المراحل، ينعق بصوت فيه تحزين، كما يصيح المعلن بالتأذين و أنشد على لسان حاله:

أنوح على ذهاب العمر مني # و حقّ أن أنوح و أن أنادي

و أندب كلما عاينت ركبا # حدا بهمو لو شك البين حادي

يعنفني الجهول إذا رآني # و قد ألبست أثواب الحداد

فقلت له: اتعظ بلسان حالي # فإني قد نصحتك باجتهاد

و ها أنا كالخطيب و ليس بدعا # على الخطباء أثواب السواد

أ لم ترني إذا عاينت ركبا # أنادي بالنوى في كل ناد

أنوح على الطلول فلم يجبني # بساحتها سوى خرس الجماد

فأكثر في نواحيها نواحي # من البين المفتت للفؤاد

تيقظ يا ثقيل السمع و افهم # إشارة من تسير به العوادي

فما من شاهد في الكون إلا # عليه من شهود الغيب بادي

و كم من رائح فيها و غاد [1] # ينادي من دنو أو بعاد

لقد أسمعت لو ناديت حيا # و لكن لا حياة لمن تنادي‌

فدل قوله: و قد ألبست أثواب الحداد، و ليس بدعا على الخطباء أثواب السواد، أنه أسود. و قوله:

فلم يجبني بساحتها سوى خرس الجماد، أنه يوجد عند مفارقة أهل المواضع لها، و أما قوله: و ينغق بين الخلان و الأحباب، فهو بالغين المعجمة، عند جمهور أهل اللغة، و هو الذي قاله ابن قتيبة، و جعل غيره خطأ.

و نقل البطليوسي، عن صاحب المنطق، أنه قال: نعق الغراب و نغق. قال: و هو بالغين المعجمة أحسن. و حكى ابن جني مثل ذلك. و قد أحسن الصاحب بهاء الدين زهير وزير الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الملك الكامل محمد بقوله في البين من أبيات:

لقد ظلمتني و استطالت يد النوى # و قد طمعت في جانبي كل مطمع‌ [2]

إلى كم أقاسي فرقة بعد فرقة # و حتى متى يا بين أنت معي معي

و قالت علمنا ما جرى منك بعدنا # فلا تظلميني ما جرى غير أدمعي‌


[1] رائح و غاد: ذاهب في صباح مساء.

[2] يد النوى: أراد المصائب.

نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 2  صفحه : 238
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست