responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 2  صفحه : 206

و معنى الآية أن بورك فيك يا موسى، و في الملائكة الذين حول النار، و هذه تحية من اللّه عز و جل لموسى عليه السلام، و تكرمة له. كما حيا إبراهيم عليه السلام، على ألسنة الملائكة، حين دخلوا عليه، فقالوا: رحمة اللّه و بركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد، فحمد نفسه تعالى بواسطة فعله. قلت: و كذلك إذا ذكر العبد ربه أو حمده فما ذكر اللّه إلا اللّه، و لا حمد اللّه إلا اللّه، لأنه تعالى ذكر نفسه و حمدها، بواسطة فعله. و العبد آلة ليس له شي‌ء. قال‌ [1] تعالى: لَيْسَ لَكَ مِنَ اَلْأَمْرِ شَيْ‌ءٌ و قال تعالى: وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ اَلْأَمْرُ كُلُّهُ [2] ففعل العبد ينسب إلى اللّه خلق و ايجاد. قال تعالى: وَ اَللََّهُ خَلَقَكُمْ وَ مََا تَعْمَلُونَ [3] و ينسب إلى العبد نسبة كسب و إسناد ليعاقب عليه أو يثاب، و اللّه تعالى أعلم. و قال بعضهم: هذه البركة راجعة إلى النار نفسها.

و أما وجه قوله تعالى: بُورِكَ مَنْ فِي اَلنََّارِ [4] فإن العرب تقول بارك اللّه لك و بارك فيك و بارك عليك و باركك، أربع لغات. قال الشاعر:

فبوركت مولودا و بوركت ناشئا # و بوركت عند الشيب إذ أنت أشيب‌

و أما الكلام المسموع من الشجرة، فاعلم أن مذهب أهل الحق، أن اللّه تعالى مستغن عن الحد و الكلام و المكان و الجهة و الزمان، لأن ذلك من أمارات الحدوث، و هي خلقه و ملكه، و هو سبحانه أجل و أعظم من أن يوصف بالجهات، أو يحد بالصفات، أو تحصيه الأوقات، أو تحويه الأماكن و الأقطار، و لما كان جل و علا كذلك، استحال أن توصف ذاته بأنها مختصة بجهة، أو متنقلة من مكان إلى مكان، أو حالة في مكان.

روي أن موسى عليه السلام، لما كلمه اللّه تعالى، سمع الكلام من سائر الجهات، و لم يسمعه من جهة واحدة، فعلم بذلك أنه كلام اللّه تعالى. و إذا ثبت هذا لم يجز أن يوصف تعالى بأنه يحل موضعا أو ينزل مكانا، كما لا يوصف بأنه جوهر و لا عرض، و لا يوصف كلامه بحرف و لا صوت، خلافا للحنابلة الحشوية، بل هو صفة قائمة بذاته تعالى، يوصف بها فينتفي عنه بها آفات الخرس و البكم، و ما لا يليق بجلاله و كماله، و لا تقبل الانفصال و الفراق بالانتقال إلى القلوب و الأوراق. و أما الإفهام و الإسماع، فيجوز أن يكون في موضع دون موضع، و مكان دون مكان، و حيث لم يقع إحاطة و لا إدراك بالوقوف على كنه ذاته، قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‌ءٌ وَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْبَصِيرُ [5] و أما الهاء في قوله‌ [6] تعالى: يََا مُوسى‌ََ إِنَّهُ فهو عماد و ليس بكناية.

فائدة أخرى‌

: اختلف في أن نبينا محمدا صلى اللّه عليه و سلم هل كلم ربه ليلة الإسراء بغير واسطة أم لا؟ فذهب ابن عباس و ابن مسعود و جعفر الصادق و أبو الحسن الأشعري و طائفة من المتكلمين إلى أنه صلى اللّه عليه و سلم كلم اللّه بغير واسطة، و ذهب جماعة إلى نفي ذلك. و اختلف في جواز الرؤية، فأكثر المبتدعة على إنكار جوازها في الدنيا و الآخرة، و أكثر أهل السنة و السلف على جوازها فيهما،


[1] سورة آل عمران: آية 128.

[2] سورة هود: آية 123.

[3] سورة الصافات: آية 96.

[4] سورة النمل: آية 8.

[5] سورة الشورى: آية 11.

[6] سورة النمل: آية 9.

نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 2  صفحه : 206
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست