نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 2 صفحه : 196
و قالوا: «العقرب تلدغ و تصيء» يضرب للظالم في صفة المتظلم. و قالوا: «تحككت العقرب بالأفعى» يضرب لمن ينازع أو يخاصم من هو أكثر منه شرا. يقال: تحكك به، إذا تعرض لشره، و قولهم: «أتجر من عقرب» [1] و «أمطل من عقرب» [2] . هو اسم تاجر كان بالمدينة، و كان من أكثر الناس تجارة، و أشدهم تسويفا، حتى ضربوا بمطله المثل. فاتفق أن الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب، و كان من أشد الناس اقتضاء، عامله، فقال الناس: ننظر الآن ما يصنعان، فلما جاء المال لزم الفضل باب عقرب، و شد حماره ببابه، و قعد يقرأ القرآن، فأقام عقرب على المطل غير مكترث به، فعدل الفضل عن ملازمة بابه إلى هجاء عرضه، فمما سار عنه قوله فيه:
كلّ عدو كيده في استه # فغيره ليس الأذى ضائره
قد تجرت في سوقنا عقرب # لا مرحبا بالعقرب التاجرة
كلّ عدوّ يتقى مقبلا # و عقرب يخشى من الدابره
إن عادت العقرب عدنا لها # و كانت النعل لها حاضره
و قد أذكرني قوله: إن عادت العقرب عدنا لها البيت، ما حكاه الشيخ كما الدين الأدفوي [3] ، في كتابه «الطالع السعيد» أن الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد [4] ، كان في صباه يلعب الشطرنج مع زوج أخته الشيخ تقي الدين بن الشيخ ضياء الدين، فأذن بالعشاء فقاما فصليا، ثم قال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد: أ ما تعود؟فقال صهره:
إن عادت العقرب عدنا لها # و كانت النعل لها حاضره
فأنف الشيخ تقي الدين من ذلك فلم يعد يلعبها إلى أن مات.
فائدة
: قال ابن خلكان، في ترجمة أبي بكر الصولي [5] الكاتب المشهور، أنه كان أوحد أهل زمانه في لعب الشطرنج، و الناس إلى الآن، يضربون المثل به في ذلك. و زعم كثير من الناس أنه الذي وضع الشطرنج، و هو غلط، و واضعه رجل يقال له صصّة، بصادين مهملتين، الأولى مكسورة و الثانية مفتوحة مشددة وضعه لملك الهند شهرام بكسر الشين المعجمة، و كان أردشير بن بابك، أول ملوك الفرس المؤرخة به، قد وضع النرد، و لذلك قيل له النردشير، نسبوه إلى واضعه المذكور، و جعله مثالا للدنيا و أهلها. فجعل الرقعة اثني عشر بيتا بعدد شهور السنة، و جعل القطع ثلاثين قطعة بعدد أيام الشهر، و جعل الفصوص مثل القضاء و القدر و تقلبه في الدنيا،
[3] الأدفوي: جعفر بن تغلب بن جعفر الأدفوي، أبو الفضل كمال الدين، مؤرخ له علم بالأدب و الفقه، له مصنفات. مات في القاهرة سنة 748 هـ.
[4] ابن دقيق العيد: محمد بن علي بن وهب بن مطيع، أبو الفتح تقي الدين، قاض عالم بالأصول، تولى قضاء مصر، و مات بالقاهرة سنة 702 هـ.
[5] الصولي: أبو بكر، محمد بن يحيى بن عبد اللّه بن العباس، الصولي الشطرنجي أديب فاضل، له تصانيف هامة منها «الوزراء» . مات بالبصرة سنة 336 هـ. وفيات الأعيان 4/356.
نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 2 صفحه : 196