نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 2 صفحه : 186
و أكلتها برئت، و إلا ماتت. و قد أشار إلى ذلك الفقيه عمارة اليمني في أبياته بقوله [1] :
إذا لم يسالمك الزمان فحارب # و باعد إذا لم تنتفع بالأقارب
و لا تحتقر كيد الضعيف فربما # تموت الأفاعي من سموم العقارب
فقد هدم عرش بلقيس هدهد # و خرب فأر قبل ذا سدّ مأرب
إذا كان رأس المال عمرك فاحترز # عليه من الانفاق في غير واجب
فبين اختلاف الليل و الصبح معرك # يكر علينا جيشه بالعجائب
و في تاريخ ابن خلكان، في ترجمة [2] الفقيه عمارة بن علي بن زيدان اليمني، أن قاسم بن هاشم، صاحب مكة، وجهه رسولا إلى الديار المصرية، فدخلها في ربيع الأول سنة خمسين و خمسمائة، و صاحبها يومئذ الفائز، و الوزير الصالح بن رزيك، فأنشدهما قصيدته الميمية التي أولها:
الحمد للعيس بعد العزم و الهمم
و في آخرها:
ليت الكواكب تدنو لي فأنظمها # عقود مدح فما أرضى لكم كلمي
خليفة و وزير مدّ عدلهما # ظلا على مفرق الاسلام و الأمم
زيادة النيل نقص عند فيضهما # فما عسى يتعاطى منة الديم
فاستحسنا قصيدته و أجزلا صلته، و عاد إلى مكة، ثم إلى زبيدة ثم أعاده صاحب مكة رسولا إلى مصر أيضا، فاستوطنها و أحسن الصالح و بنوه إليه. فلما ملك السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، مدحه و مدح جماعة من أهل بيته، ثم إنه شرع في الاتفاق، مع جماعة من الرؤساء، على إعادة دولة المصريين و وافقهم جماعة من أمراء الملك الناصر، و اتفق رأيهم على استدعاء الفرنج من صقلية و من سواحل الشام إلى ديار مصر، على شيء يبذلونه لهم، من المال و البلاد، فعلم صلاح الدين بذلك فقبض عليهم و سألهم عن ذلك، فأقروا. فصلبهم في رمضان سنة تسع و عشرين و خمسمائة. و هذا التاريخ مناقض لما تقدم، من أنه كان رسولا لصاحب مكة في سنة خمسين و خمسمائة.
قلت: و الصواب أن صلبهم كان في سنة تسع و ستين يوم السبت الثاني من شهر رمضان، و كان القبض عليهم في يوم الأحد السادس و العشرين من شعبان من السنة المذكورة. و كان عمارة شافعيا، و ينسب إليه بيت قاله، أو وضع عليه و اللّه أعلم بذلك:
قد كان أول هذا الدين من رجل # سعى إلى أن دعوه سيّد الأمم
فأفتى فقهاء مصر بقتله، و لم يتعرض السلطان صلاح الدين إلى من نافق عليه من أجناده، و لا أظهر لهم أنه علم بشيء من أمرهم. و من العجيب أن الفقيه عمارة قال قبل صلبه بأيام قلائل في مصلوب: